225

Commentaire de la Croyance de Tahawi

شرح العقيدة الطحاوية

Enquêteur

أحمد شاكر

Maison d'édition

وزارة الشؤون الإسلامية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٨ هـ

Lieu d'édition

والأوقاف والدعوة والإرشاد

﴿يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (١)، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ﴾ (٢).
وَمَنْشَأُ الضَّلَالِ: مِنَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْمَشِيئَةِ وَالْإِرَادَةِ، وَبَيْنَ الْمَحَبَّةِ وَالرِّضَا، فَسَوَّى بَيْنَهُمَا الْجَبْرِيَّةُ وَالْقَدَرِيَّةُ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا، فَقَالَتِ الْجَبْرِيَّةُ: الْكَوْنُ كُلُّهُ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، فَيَكُونُ مَحْبُوبًا مَرْضِيًّا، وَقَالَتِ الْقَدَرِيَّةُ النُّفَاةُ: لَيْسَتِ الْمَعَاصِي مَحْبُوبَةً لِلَّهِ وَلَا مَرْضِيَّةً لَهُ، فَلَيْسَتْ مُقَدَّرَةً وَلَا مَقْضِيَّةً، فَهِيَ خَارِجَةٌ عَنْ مَشِيئَتِهِ وَخَلْقِهِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَشِيئَةِ وَالْمَحَبَّةِ - الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْفِطْرَةُ الصَّحِيحَةُ.
أَمَّا نُصُوصُ الْمَشِيئَةِ وَالْإِرَادَةِ مِنَ الْكِتَابِ، فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ بَعْضِهَا. وَأَمَّا نُصُوصُ الْمَحَبَّةِ وَالرِّضَا، فَقَالَ تعالى: ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾ (٣). ﴿وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ﴾ (٤). وَقَالَ تَعَالَى عَقِيبَ مَا نَهَى عَنْهُ مِنَ الشِّرْكِ وَالظُّلْمِ وَالْفَوَاحِشِ وَالْكِبْرِ: ﴿كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا﴾ (٥).
وَفِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ».
وَفِي الْمُسْنَدِ: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُؤْخَذَ بِرُخَصِهِ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ»، وَكَانَ مِنْ دُعَائِهِ ﷺ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ» فَتَأَمَّلْ ذِكْرَ اسْتِعَاذَتِهِ بِصِفَةِ الرِّضَا مِنْ صِفَةِ السُّخْطِ، وَبِفِعْلِ الْمُعَافَاةِ مِنْ فعل العقوبة، فالأول الصفة، وَالثَّانِي لِأَثَرِهَا الْمُرَتَّبِ عَلَيْهَا، ثُمَّ رَبَطَ ذَلِكَ كُلَّهُ بِذَاتِهِ سُبْحَانَهُ، وَأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ رَاجِعٌ إِلَيْهِ وَحْدَهُ، لَا إِلَى غَيْرِهِ، فَمَا أَعُوذُ مِنْهُ وَاقِعٌ بِمَشِيئَتِكَ وَإِرَادَتِكَ، وَمَا أَعُوذُ بِهِ من

(١) سورة الأنعام آية ٣٩.
(٢) سورة الأنعام آية ١٢٥.
(٣) سورة البقرة آية ٢٠٥.
(٤) سورة الزمر آية ٧.
(٥) سورة الإسراء آية ٣٨.

1 / 228