181

Commentaire de la Croyance de Tahawi

شرح العقيدة الطحاوية

Enquêteur

أحمد شاكر

Maison d'édition

وزارة الشؤون الإسلامية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٨ هـ

Lieu d'édition

والأوقاف والدعوة والإرشاد

الْعِلْمِ بِالتَّأْوِيلِ نَفْيُ الْعِلْمِ بِالْمَعْنَى الَّذِي قَصَدَ الْمُخَاطِبُ إِفْهَامَ الْمُخَاطَبِ إِيَّاهُ، فَمَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ إِلَّا وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِتَدَبُّرِهَا، وَمَا أَنْزَلَ آيَةً إِلَّا وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يُعْلَمَ مَا عَنَى بِهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ تَأْوِيلِهِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ. فَهَذَا مَعْنَى التَّأْوِيلِ فِي الْكِتَابِ
وَالسُّنَّةِ وَكَلَامِ السَّلَفِ، وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا التَّأْوِيلُ مُوَافِقًا لِلظَّاهِرِ أَوْ مُخَالِفًا لَهُ.
وَالتَّأْوِيلُ فِي كَلَامِ كَثِيرٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ، كَابْنِ جَرِيرٍ وَنَحْوِهِ، يُرِيدُونَ بِهِ تَفْسِيرَ الْكَلَامِ وَبَيَانَ مَعْنَاهُ، سَوَاءٌ وَافَقَ ظَاهِرَهُ أَوْ خَالَفَ، وَهَذَا اصْطِلَاحٌ مَعْرُوفٌ. وَهَذَا التَّأْوِيلُ كَالتَّفْسِيرِ، يُحْمَدُ حَقُّهُ، وَيُرَدُّ بَاطِلُهُ - وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ (١)، الْآيَةَ - فِيهَا قِرَاءَتَانِ. قِرَاءَةُ مَنْ يَقِفُ عَلَى قَوْلِهِ ﴿إِلَّا اللَّهُ﴾، وَقِرَاءَةُ مَنْ لَا يَقِفُ عِنْدَهَا، وَكِلْتَا الْقِرَاءَتَيْنِ حَقٌّ. وَيُرَادُ بِالْأُولَى الْمُتَشَابِهُ فِي نَفْسِهِ الَّذِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِ تَأْوِيلِهِ. وَيُرَادُ بِالثَّانِيَةِ الْمُتَشَابِهُ الْإِضَافِيُّ الَّذِي يَعْرِفُ الرَّاسِخُونَ تَفْسِيرَهُ، وَهُوَ تَأْوِيلُهُ. وَلَا يُرِيدُ مَنْ وَقَفَ عَلَى قَوْلِهِ ﴿إِلَّا اللَّهُ﴾ أَنْ يَكُونَ التَّأْوِيلُ بِمَعْنَى التَّفْسِيرِ لِلْمَعْنَى، فَإِنَّ لَازِمَ هَذَا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ أَنْزَلَ عَلَى رَسُولِهِ كَلَامًا لَا يَعْلَمُ مَعْنَاهُ جَمِيعُ الْأُمَّةِ وَلَا الرَّسُولُ، وَيَكُونُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ لَا حَظَّ لَهُمْ فِي مَعْرِفَةِ مَعْنَاهَا سِوَى قَوْلِهِمْ: ﴿آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾ (٢). وَهَذَا الْقَدْرُ يَقُولُهُ غَيْرُ الرَّاسِخِ فِي الْعِلْمِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَجِبُ امْتِيَازُهُمْ عَنْ عَوَامِّ الْمُؤْمِنِينَ فِي ذَلِكَ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: أَنَا مِنَ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ. وَلَقَدْ صَدَقَ ﵁، فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَعَا لَهُ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ. وَدُعَاؤُهُ ﷺ لَا يُرَدُّ. قَالَ مُجَاهِدٌ: عَرَضْتُ الْمُصْحَفَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ، أَقِفُهُ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ وَأَسْأَلُهُ عَنْهَا. وَقَدْ تَوَاتَرَتِ النُّقُولُ

(١) سورة آلِ عِمْرَانَ آية ٧.
(٢) سورة آلِ عِمْرَانَ آية ٧.

1 / 184