Commentaire de la Croyance de Tahawi
شرح العقيدة الطحاوية
Chercheur
أحمد شاكر
Maison d'édition
وزارة الشؤون الإسلامية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٨ هـ
Lieu d'édition
والأوقاف والدعوة والإرشاد
Genres
Croyances et sectes
وَكَذَا، فَإِنْ أَرَادُوا بِهَا مَا يُوَافِقُ خَبَرَ الرَّسُولِ قُبِلَ، وَإِنْ أَرَادُوا بِهَا مَا يُخَالِفُهُ رُدَّ. وَهَذَا مِثْلُ لَفْظِ الْمُرَكَّبِ وَالْجِسْمِ وَالْمُتَحَيِّزِ وَالْجَوْهَرِ وَالْجِهَةِ وَالْحَيِّزِ وَالْعَرَضِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَإِنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ لَمْ تَأْتِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِالْمَعْنَى الَّذِي يُرِيدُهُ أَهْلُ الْاصْطِلَاحِ، بَلْ وَلَا فِي اللُّغَةِ، بَلْ هُمْ يَخْتَصُّونَ بِالتَّعْبِيرِ بِهَا عَنْ مَعَانٍ لَمْ يُعَبِّرْ غَيْرُهُمْ عَنْهَا بِهَا، فَتُفَسَّرُ تِلْكَ الْمَعَانِي بِعِبَارَاتٍ أُخَرَ، وَيُنْظَرُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَالسَّمْعِيَّةِ، وَإِذَا وَقَعَ الِاسْتِفْسَارُ وَالتَّفْصِيلُ تَبَيَّنَ الْحَقُّ مِنَ الْبَاطِلِ.
مِثَالُ ذَلِكَ، فِي التَّرْكِيبِ. فَقَدْ صَارَ لَهُ مَعَانٍ:
أَحَدُهَا. التَّرْكِيبُ مِنْ مُتَبَايِنَيْنِ فَأَكْثَرَ. وَيُسَمَّى: تَرْكِيبَ مَزْجٍ، كَتَرْكِيبِ الْحَيَوَانِ مِنَ الطَّبَائِعِ الْأَرْبَعِ وَالْأَعْضَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَنْفِيٌّ عَنِ اللَّهِ ﷾، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وَصْفِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْعُلُوِّ وَنَحْوِهِ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ، أَنْ يَكُونَ مُرَكَّبًا بِهَذَا الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ.
وَالثَّانِي: تَرْكِيبُ الْجِوَارِ، كَمِصْرَاعَيِ الْبَابِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُ أَيْضًا مِنْ ثُبُوتِ صِفَاتِهِ تَعَالَى إِثْبَاتُ هَذَا التَّرْكِيبِ.
الثَّالِثُ: التَّرْكِيبُ مِنَ الْأَجْزَاءِ الْمُتَمَاثِلَةِ، وَتُسَمَّى: الْجَوَاهِرَ الْمُفْرَدَةَ.
الرَّابِعُ: التَّرْكِيبُ مِنَ الْهَيُولَى وَالصُّورَةِ، كَالْخَاتَمِ مَثَلًا، هَيُولَاهُ: الْفِضَّةُ، وَصُورَتُهُ مَعْرُوفَةٌ. وَأَهْلُ الْكَلَامِ قَالُوا: إِنَّ الْجِسْمَ يَكُونُ مُرَكَّبًا مِنَ الْجَوَاهِرِ الْمُفْرَدَةِ، وَلَهُمْ كَلَامٌ فِي ذَلِكَ يَطُولُ، وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَهُوَ أَنَّهُ: هَلْ يُمْكِنُ التَّرْكِيبُ مِنْ جُزءَيْنِ، أَوْ مِنْ أَرْبَعَةٍ، أَوْ مِنْ سِتَّةٍ، أَوْ مِنْ ثَمَانِيَةٍ، أَوْ سِتَّةَ عَشَرَ؟ وَلَيْسَ هَذَا التَّرْكِيبُ لَازِمًا لِثُبُوتِ صِفَاتِهِ تَعَالَى وَعُلُوِّهِ عَلَى خَلْقِهِ. وَالْحَقُّ أَنَّ الْجِسْمَ غَيْرُ مُرَكَّبٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَإِنَّمَا قَوْلُهُمْ مُجَرَّدُ دَعْوَى، وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ.
1 / 175