Commentaire de la Croyance de Tahawi
شرح العقيدة الطحاوية
Chercheur
أحمد شاكر
Maison d'édition
وزارة الشؤون الإسلامية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٨ هـ
Lieu d'édition
والأوقاف والدعوة والإرشاد
Genres
Croyances et sectes
غَيْرَهُ، فَإِنَّهُمْ إِذَا قَالُوا: يَعْلَمُ لَا كَعِلْمِنَا، قُلْنَا: وَيَتَكَلَّمُ لَا كَتَكَلُّمِنَا، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الصِّفَاتِ.
وَهَلْ يُعْقَلُ قَادِرٌ لَا تَقُومُ بِهِ الْقُدْرَةُ، أَوْ حَيٌّ لَا تَقُومُ بِهِ الْحَيَاةُ؟ وَقَدْ قَالَ ﷺ: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ» (١)، فَهَلْ يَقُولُ عَاقِلٌ أَنَّهُ ﷺ عَاذَ بِمَخْلُوقٍ؟ بَلْ هَذَا كَقَوْلِهِ: «أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ. وَأَعُوذُ بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ»، وَكَقَوْلِهِ: «أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ». وَكَقَوْلِهِ: «وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ نُغْتَالَ مِنْ تَحْتِنَا». كُلُّ هَذِهِ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَهَذِهِ الْمَعَانِي مَبْسُوطَةٌ فِي مَوَاضِعِهَا، وَإِنَّمَا أُشِيرُ إِلَيْهَا هُنَا إِشَارَةً.
وَكَثِيرٌ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْحَنَفِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ مَعْنًى وَاحِدٌ، وَالتَّعَدُّدُ وَالتَّكَثُّرُ وَالتَّجَزُّؤُ وَالتَّبَعُّضُ حَاصِلٌ فِي الدَّلَالَاتِ، لَا فِي الْمَدْلُولِ. وَهَذِهِ الْعِبَارَاتُ مَخْلُوقَةٌ، وَسُمِّيَتْ كَلَامَ اللَّهِ لِدَلَالَتِهَا عَلَيْهِ وَتَأَدِّيهِ بِهَا، فَإِنْ عُبِّرَ بِالْعَرَبِيَّةِ فَهُوَ قُرْآنٌ، وَإِنْ عُبِّرَ بِالْعِبْرِيَّةِ فَهُوَ تَوْرَاةٌ، فَاخْتَلَفَتِ الْعِبَارَاتُ لَا الْكَلَامُ. قَالُوا: وَتُسَمَّى هَذِهِ الْعِبَارَاتُ كَلَامَ اللَّهِ مَجَازًا!
وَهَذَا الْكَلَامُ فَاسِدٌ، فَإِنَّ لَازِمَهُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا﴾ (٢)، هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ (٣) وَمَعْنَى آيَةِ الْكُرْسِي هُوَ مَعْنَى آيَةِ الدَّيْنِ! وَمَعْنَى سُورَةِ الْإِخْلَاصِ هُوَ مَعْنَى ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ﴾ (٤). وَكُلَّمَا
(١) جاءت في الاستعاذة، في حديث مرسل، رواه مالك في الموطأ: ٩٥٠ - ٩٥١، عن يحيى بن سعيد مرسلًا. وذكر السيوطي في شرحه ٣: ١٢٦ أنه «وصله النسائي، من طريق محمد بن جعفر بن يحيى ابن سعيد عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن عياش السلمي عن ابن مسعود"وأنه وصله البيهقي في الأسماء والصفات. ومراده برواية النسائي أنه في عمل اليوم والليلة، لا في السنن. ووجدته من وجه آخر في مسند الإمام أحمد: ١٥٥٢٦، ١٥٥٢٧ (ج ٣ص ٤١٩ من طبعة الحلبي)، من حديث عبد الرحمن بن خنبش. ورواه من حديثه أيضًا: ابن السني في عمل اليوم والليلة، رقم: ٦٣١. وذكره الحافظ في الإصابة ٤: ١٥٧، في ترجمة عبد الرحمن بن خنبش).
(٢) سورة الْإِسْرَاءِ آية ٣٢.
(٣) سورة الْبَقَرَةِ آية ٤٣.
(٤) سورة الْمَسَدِ آية ١.
1 / 140