Commentaire de la Croyance de Tahawi
شرح العقيدة الطحاوية
Chercheur
أحمد شاكر
Maison d'édition
وزارة الشؤون الإسلامية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٨ هـ
Lieu d'édition
والأوقاف والدعوة والإرشاد
Genres
Croyances et sectes
﴿حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ﴾ (١) وَقَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ نُوحٍ ﵇ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ: ﴿وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ﴾ (٢) وَقَالَ تَعَالَى: ﴿مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (٣) إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ. وَكَيْفَ يَكُونُ فِي مُلْكِهِ مَا لَا يَشَاءُ! وَمَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا وَأَكْفَرُ مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ شَاءَ الْإِيمَانَ مِنَ الْكَافِرِ، وَالْكَافِرُ شَاءَ الْكُفْرَ فَغَلَبَتْ مَشِيئَةُ الْكَافِرِ مَشِيئَةَ اللَّهِ!! تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا.
فَإِنْ قِيلَ: يُشْكِلُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا﴾ (٤)، الْآيَةَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ (٥)، الْآيَةَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾ (٦) فَقَدْ ذَمَّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى حَيْثُ جَعَلُوا الشِّرْكَ كَائِنًا مِنْهُمْ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ، وَكَذَلِكَ ذَمَّ إِبْلِيسَ حَيْثُ أَضَافَ الْإِغْوَاءَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، إِذْ قَالَ: ﴿رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ (٧)
قِيلَ: قَدْ أُجِيبَ عَلَى هَذَا بِأَجْوِبَةٍ، مِنْ أَحْسَنِهَا: أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ لِأَنَّهُمُ احْتَجُّوا بِمَشِيئَتِهِ عَلَى رِضَاهُ وَمَحَبَّتِهِ، وَقَالُوا: لَوْ كَرِهَ ذَلِكَ وَسَخِطَهُ لَمَا شَاءَهُ، فَجَعَلُوا مَشِيئَتَهُ دَلِيلَ رِضَاهُ، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ. أَوْ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِمُ اعْتِقَادَهُمْ أَنَّ مَشِيئَةَ اللَّهِ دَلِيلٌ عَلَى أَمْرِهِ بِهِ. أَوْ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ مُعَارَضَةَ شَرْعِهِ وَأَمْرِهِ الَّذِي أَرْسَلَ بِهِ رُسُلَهُ وَأَنْزَلَ بِهِ كُتُبَهُ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، فَجَعَلُوا الْمَشِيئَةَ
(١) سورة الْأَنْعَامِ آية ١٢٥. (٢) سورة هُودٍ آية ٣٤. (٣) سورة الْأَنْعَامِ آية ٣٩. (٤) سورة الْأَنْعَامِ آية ١٤٨. (٥) سورة النَّحْلِ آية ٣٥. (٦) سورة الزُّخْرُفِ آية٢٠. (٧) سورة الْحِجْرِ آية ٣٩.
1 / 104