57

Sharh Cala Muwatta

شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك

Chercheur

طه عبد الرءوف سعد

Maison d'édition

مكتبة الثقافة الدينية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٤هـ - ٢٠٠٣م

Lieu d'édition

القاهرة

الْقُرْطُبِيُّ: أَخَذَ بِهَذَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فَقَالَ: مَنِ انْتَبَهَ مِنْ نَوْمٍ عَنْ صَلَاةٍ فَاتَتْهُ فِي حَضَرٍ فَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ مَوْضِعِهِ وَإِنْ كَانَ وَادِيًا فَلْيَخْرُجْ عَنْهُ، وَقِيلَ: هُوَ خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ ﷺ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مِنْ حَالِ ذَلِكَ الْوَادِي وَلَا غَيْرِهِ ذَلِكَ إِلَّا هُوَ. وَقَالَ غَيْرُهُمَا: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ حَصَلَتْ لَهُ غَفْلَةٌ فِي مَكَانٍ عَنْ عِبَادَةٍ اسْتُحِبَّ لَهُ التَّحَوُّلُ مِنْهُ، وَمِنْهُ أَمْرُ النَّاعِسِ فِي سَمَاعِ الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِالتَّحَوُّلِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ تَأْخِيرَ قَضَاءِ الْفَائِتَةِ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: ١٤] (سُورَةُ طه: الْآيَةُ ١٤) وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ وَالْحَدِيثَ مَدَنِيٌّ فَكَيْفَ يَنْسَخُ الْمُتَقَدِّمُ الْمُتَأَخِّرَ؟ (فَرَكِبُوا حَتَّى خَرَجُوا مِنْ ذَلِكَ الْوَادِي) فَسَارُوا غَيْرَ بَعِيدٍ. (ثُمَّ أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَنْزِلُوا وَأَنْ يَتَوَضَّئُوا) وَفِي مُسْلِمٍ وَابْنِ إِسْحَاقَ: «ثُمَّ تَوَضَّأَ ﷺ وَتَوَضَّأَ النَّاسُ» . (وَأَمَرَ بِلَالًا أَنْ يُنَادِيَ) يُؤَذِّنَ (بِالصَّلَاةِ أَوْ يُقِيمَ) بِالشَّكِّ («فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالنَّاسِ») الصُّبْحَ (ثُمَّ انْصَرَفَ) الْتَفَتَ (إِلَيْهِمْ وَقَدْ رَأَى مِنْ) أَيْ بَعْضَ (فَزَعِهِمْ) أَسَفًا عَلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ. (فَقَالَ:) مُؤْنِسًا لَهُمْ بِأَنَّهُ لَا حَرَجَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَعَمَّدُوهُ، كَمَا آنَسَهُمْ قَبْلَ الِارْتِحَالِ لَمَّا شَكُوا إِلَيْهِ الَّذِي أَصَابَهُمْ فَقَالَ: " «لَا ضَيْرَ أَوْ لَا يَضِيرُ» ". وَفِي مُسْتَخْرَجِ أَبِي نُعَيْمٍ: " «لَا يَسُوءُ وَلَا يَضِيرُ» ". وَفِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ: «وَرَكِبَ ﷺ وَرَكِبْنَا مَعَهُ فَجَعَلَ بَعْضُنَا يَهْمِسُ إِلَى بَعْضٍ: مَا كَفَّارَةُ مَا صَنَعْنَا بِتَفْرِيطِنَا فِي صَلَاتِنَا؟ فَقَالَ: " أَمَا لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ؟ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى» ". («يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَنَا») زَادَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ ذِي مِخْبَرٍ: ثُمَّ رَدَّهَا إِلَيْنَا فَصَلَّيْنَا. وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: «إِنَّ هَذِهِ الْأَرْوَاحَ عَارِيَةٌ فِي أَجْسَادِ الْعِبَادِ يَقْبِضُهَا وَيُرْسِلُهَا إِذَا شَاءَ» . («وَلَوْ شَاءَ لَرَدَّهَا إِلَيْنَا فِي حِينٍ») وَقْتٍ (غَيْرِ هَذَا) قَالَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: فِي كُلِّ جَسَدٍ رُوحَانِ: رُوحُ الْيَقَظَةِ الَّتِي أَجْرَى اللَّهُ الْعَادَةَ أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ فِي الْجَسَدِ كَانَ الْإِنْسَانُ مُسْتَيْقِظًا فَإِذَا نَامَ خَرَجَتْ مِنْهُ وَرَأَتِ الرُّوحُ الْمَنَامَاتِ، وَرُوحُ الْحَيَاةِ الَّتِي أَجْرَى اللَّهُ الْعَادَةَ أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ فِي الْجَسَدِ فَهُوَ حَيٌّ فَإِذَا فَارَقَتْهُ مَاتَ فَإِذَا رَجَعَتْ إِلَيْهِ حَيِيَ، وَهَاتَانِ الرُّوحَانِ فِي بَاطِنِ الْجَسَدِ لَا يَعْلَمُ مَقَرَّهُمَا إِلَّا مَنْ أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ فَهْمًا كَجَنِينَيْنِ فِي بَطْنِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، قَالَ: وَلَا يَبْعُدُ عِنْدِي أَنْ تَكُونَ الرُّوحُ فِي الْقَلْبِ، وَيَدُلُّ عَلَى وُجُودِ رُوحَيِ الْحَيَاةِ وَالْيَقَظَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ﴾ [الزمر: ٤٢] (سُورَةُ الزُّمَرِ: الْآيَةُ ٤٢) تَقْدِيرُهُ: وَيَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ الَّتِي لَمْ تَمُتْ أَجْسَادُهَا فِي مَنَامِهَا، فَيُمْسِكُ

1 / 107