168

Sharh Cala Muwatta

شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك

Enquêteur

طه عبد الرءوف سعد

Maison d'édition

مكتبة الثقافة الدينية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1424 AH

Lieu d'édition

القاهرة

الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بِنِيَّةِ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ.
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: قَوْلُهُ ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [النساء: ٤٣] (سُورَةُ النِّسَاءِ: الْآيَةُ ٤٣) أَيِ اقْصِدُوا الصَّعِيدَ، ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُمْ حَتَّى صَارَ التَّيَمُّمُ مَسْحَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بِالصَّعِيدِ، فَعَلَى هَذَا هُوَ مَجَازٌ لُغَوِيٌّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ وَفِي أَنَّهُ عَزِيمَةٌ أَوْ رُخْصَةٌ خِلَافٌ، وَفَصَلَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: هُوَ لِعَدَمِ الْمَاءِ عَزِيمَةٌ وَلِلْعُذْرِ رُخْصَةٌ، وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ لِقَوْلِهِ ﷺ: " «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ» ".
الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ أَيْ بَعْدَ أَنْ تَيَمَّمَ.
فَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ: " «فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَتَى الصَّلَاةَ فَلَمْ يَجِدْ مَاءً وَجَدَ الْأَرْضَ طَهُورًا وَمَسْجِدًا» " وَلِأَحْمَدَ: " «فَعِنْدَهُ طَهُورُهُ وَمَسْجِدُهُ» ".
١٢٢ - ١٢٠ - (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ) بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ الْقُرَشِيِّ التَّيْمِيِّ أَبِي مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيِّ، رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَأَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةَ، وَعَنْهُ مَالِكٌ وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ وَأَيُّوبُ وَالزُّهْرِيُّ وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ وَالسُّفْيَانَانِ وَخَلْقٌ وَكَانَ ثِقَةً جَلِيلًا.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ أَفْضَلُ أَهْلِ زَمَانِهِ، مَاتَ بِالشَّامِ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَقِيلَ بَعْدَهَا.
(عَنْ أَبِيهِ) الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَدَنِيِّ أَحَدِ الْفُقَهَاءِ بِهَا، قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ رَفِيعٌ عَالِمٌ فَقِيهٌ إِمَامٌ وَرِعٌ كَثِيرُ الْحَدِيثِ، قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: مَا أَدْرَكْنَا بِالْمَدِينَةِ أَحَدًا نُفَضِّلُهُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِالسُّنَّةِ مِنْهُ، وَمَا كَانَ الرَّجُلُ يُعَدُّ رَجُلًا حَتَّى يَعْرِفَ السُّنَّةَ.
وَقَالَ أَيُّوبُ: مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْهُ مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ.
(عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ) قَالَ فِي التَّمْهِيدِ: يُقَالُ إِنَّهَا غَزَاةُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَقِيلَ خَمْسٌ وَجَزَمَ بِذَلِكَ فِي الِاسْتِذْكَارِ وَسَبَقَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَابْنُ حِبَّانَ، وَغَزَاةُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ هِيَ غَزَاةُ الْمُرَيْسِيعِ وَفِيهَا وَقَعَتْ قِصَّةُ الْإِفْكِ لِعَائِشَةَ، وَكَانَ ابْتِدَاءُ ذَلِكَ بِسَبَبِ وُقُوعِ عِقْدِهَا أَيْضًا، فَإِنْ كَانَ مَا جَزَمُوا بِهِ ثَابِتًا حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ سَقَطَ مِنْهَا فِي تِلْكَ السَّفْرَةِ مَرَّتَيْنِ لِأَجْلِ اخْتِلَافِ الْقِصَّتَيْنِ كَمَا هُوَ بَيِّنٌ فِي سِيَاقِهِمَا، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى تَعَدُّدِ ضَيَاعِ الْعِقْدِ، وَأَنَّ هَذِهِ كَانَتْ بَعْدَ قِصَّةِ الْإِفْكِ مُحْتَجِّينَ بِمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَائِشَةَ: " «لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ عِقْدِي مَا كَانَ وَقَالَ أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي غَزَاةٍ أُخْرَى فَسَقَطَ أَيْضًا عِقْدِي حَتَّى حُبِسَ النَّاسُ عَلَى الْتِمَاسِهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا بُنَيَّةُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ تَكُونِينَ عَنَاءً وَبَلَاءً عَلَى النَّاسِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ، فَقَالَ أَبُو

1 / 218