[مقدمة المؤلف]
بسم الله الرحمن الرحيم
بالله تعالى أستعين وأتوكل. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.
الحمدلله الذي جعل العقول سرجا للمتوسمين، وحججا قاطعة للملحدين، وعصما متينة للمتمسكين، وقسما مبينة للمكلفين، تخبو لها الأنوار الساطعة، وتربو بها الأقطار الواسعة، تهدي الناظر بها طرائق النعمة، وتؤدي إلى المشاور بها شرائف الحكمة، ومن أجل تلك الفوائد، معرفة بارئها القديم الواحد، التي عجزت عن اقتناص كنهه بفحصها، ورجعت خاسئة في اقتماص من حرصها.
ولما اتصل بنا كلام في التوحيد للإمام الباسل، السيد الفاضل، أبي الحسين يحيى بن الحسين وصله الله بأسنى الكرامات، وأحله من الجنة أعلى الدرجات، تأملناه ناظرين، وتبيناه مستبصرين؛ فرأيناه مشتملا على جملة من التوحيد، محتملا لشرحها بكلام مديد، يسهل منه ماتوعر على المتعلم، ويحصل ماتعذر علمه على المتفهم، فيستغني بها الموحد المفتقر، ويقتني علمها إلى علمه المستكثر، لأن الكتب المبسوطة في علم التوحيد كثيرة، والرتب المشروطة فيها كبيرة، ولم نر تخليته من الشرح صوابا، ولاتعريته من المدح مثابا، فتوخينا فيه القصد، وأبلينا فيه الجهد، مستعينين بالله على تحصيل المراد فيه، ومتوكلين عليه للإصابة في معانيه، وسائلين فيه الصلاة على سيدنا محمد الوجيه، وعلى علي والأئمة من بنيه..
Page 22