131

لكن المتفطن يرتقى منها إلى المطلوب وان اشتبه على بعض الأوهام العامية ان هذا يتم مع عدم الخلاء فنقول مع فرض عدم كون الخلا باطلا يتم المطلوب لعدم انحصار الشئ في الجسم فما تصنع بالأنوار والظلمات والكيفيات من المسموعات والملموسات وغيرها من كأينات الجو على أن الخلاء ليس لأشياء قال الشيخ الرئيس في السماع الطبيعي من الشفا الصفات التي يصفون بها الخلا يوجب ان يكون الخلا شيئا موجودا وأن يكون كما وأن يكون جوهرا وأن يكون له قوة فعالة فان اللا شئ لا يجوز ان يكون بين شيئين أقل أو أكثر والخلا قد يكون بين جسمين أقل أو أكثر فان الخلاء المتقدر بين السماء والأرض أكثر من المتحصل بين بلدين في الأرض بل له إليه نسبة ما بل وكل منهما يوجد ممسوحا بمقدار فيكون خلاء الف ذراع وخلاء اخر عشرة أذرع وخلاء يتناهى إلى ملاء وخلاء يذهب إلى غير نهاية وهذه الأحوال لا يحمل البتة على اللا شئ الصرف لأنه يقبل هذه الخواص وهذه الخواص بذاتها للكم وبتوسط الكم ما يكون لغيره ثم إن الفرق بين الأحدية والواحدية على اصطلاح العرفاء الكاملين ان الأحدية مرتبة الذات باعتبار انتفاء تعدد الصفات والأسماء والنسب والتعينات عنه ويقال لهذه المرتبة العماء لأنه لا يعرفها أحد غيره فهو في حجاب الجلال وهذا الاصطلاح مأخوذ من الحديث النبوي حيث سئل صلى الله عليه وآله أين كان ربنا قبل ان يخلق الخلق فقال كان في عماء وهذه المرتبة هي حقيقة الحقايق وغيب الغيوب والتجلي الذاتي أعني تجلى الذات للذات والواحدية اعتبار الذات من حيث نشوء الأسماء والصفات منها ويقال لهذه المرتبة البرزخ الجامع واصل البرازخ والتعين الأول والأفق الاعلى وعين الجمع ومقام أو أدنى والطامة الكبرى ومجلى الذات الأحدية وهو أول المجالي فان مرتبة الأحدية التي قبل هذه المرتبة ليست مجلاة لشئ إذ لا اعتبار للتعدد فيها أصلا وما عداها كلها مجال باطنة أو ظاهره ولذا تداولت على ألسنتهم المجالي الخمسة والمراتب الست والى هاتين المرتبتين أشير في حديث كميل بقوله (ع) الحقيقة جذب الأحدية لصفة التوحيد ولما كان الحديث شريفا غاية الشراقة لا باس ان نذكره ونشرحه اجمالا لأنه لا يحيط بتفصيله نطاق البيان إذ فيه اسرار علم التوحيد فنقول سئل كميل ابن زياد عن علي (ع) ما الحقيقة فقال (ع) مالك والحقيقة يا كميل فقال أولست صاحب (شرك)؟

قال بلى ولكن يرشح عليك ما يطفح منى فقال أو مثلك يخيب (ما)؟ فقال (ع) الحقيقة كشف سبحات الجلال من غير إشارة سبحات وجه الله انواره كما في القاموس وفى الحديث ان لله سبعين الف حجاب من نور وسبعين الف حجاب من ظلمة لو كشفها لأحرقت سبحات

Page 131