Sharh Arbacine de Nawawi

Ibn Daqiq al-'Id d. 702 AH
108

Sharh Arbacine de Nawawi

شرح الأربعين النووية في الأحاديث الصحيحة النبوية

Maison d'édition

مؤسسة الريان

Numéro d'édition

السادسة

Année de publication

٢٠٠٣ م

ويستصغره قال القاضي عياض: ورواه بعضهم بضم الياء وبالخاء المعجمة وبالفاء: أي لا يغدر بعهده ولا ينقض أيمانه والصواب المعروف هو الأول. قوله ﷺ: "التقوى ها هنا" ويشير إلى صدره ثلاث مرات وفي رواية: "إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم" ١ معناه أن الأعمال الظاهرة لا تُحصّل التقوى وإنما تقع التقوى بما في القلب من عظمة الله تعالى وخشيته ومراقبته ونظر الله تعالى - أي رؤيته محيطة بكل شيء. ومعنى الحديث - والله أعلم: مجازاته ومحاسبته وأن الاعتبار في هذا كله بالقلب. قوله: "بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم" فيه تحذير عظيم من ذلك لأن الله تعالى لم يحقره إذ خلقه ورزقه ثم أحسن تقويم خلقه وسخر ما في السموات وما في الأرض جميعًا لأجله وإن كان له ولغيره فله من ذلك حصة ثم إن الله سبحانه سماه مسلمًا ومؤمنًا وعبدًا وبلغ من أمره إلى أن جعل الرسول منه إليه محمدًا ﷺ فمن حقر مسلمًا من المسلمين فقد حقر ما عظم الله ﷿ وكافيه ذلك، فإن من احتقار المسلم للمسلم: أن لا يسلم عليه إذا مر، ولا يرد ﵇ إذا بدأه به، ومنها أن يراه دون أن يدخله الله الجنة أو يبعده من النار. وأما ما ينقمه العاقل على الجاهل والعدل على الفاسق فليس ذلك احتقارًا يعنى المسلم بل لما اتصف به الجاهل من الجهل والفاسق من الفسق فمتى فارق ذلك راجعه إلى احتفاله به ورفع قدره.

١ رواه مسلم في البر والصلة والآداب باب تحريم ظلم المسلم رقم ٢٥٦٤.

1 / 118