============================================================
شرح الأنفاس الروحانية باب صقة القيقة فصل اعلم أن الحق في اللغة هو الكائن الثابت وقد استعمل في كائن كلمة نفع، أو نفعه أكثر من ضره، قال الله تعالى أن الله هو الحق المبين} ([النور: 25] يعني الكائن الثابت النافع الضار، ونفعه أبلغ من ضره، ورحمته وسعت كل شيء هو الله تعالى، والحق عكس الباطل، والباطل في اللغة هو المنعدم المتلاشي، وقد استعمل الباطل في شيء الموجود الذي كله شر، أو شره أكثر من نفعه، ومن ذلك قال الله تعالى وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا} [الإسراء: 8) أي جاء أمر الله تعالى وزهق الشيطان وأمره والباطل هو اسم الشيطان هكذا قال أهل اللغة: وأما (الحقيقة) في اللغة هى: الراية أعني العلم، قال: حامي الحقيقة سائل الوريقة مستاق الوئيقة؛ لأن حامى الحقيقة يعني: حافظ رايته وعلمه، والوريقة مريدة للفحل، والوئيقة: الحاملة من النوق، يصف البعير هذا هو تفسير الحق، والحقيقة لغة.
أما في اصطلاح المشايخ: فقد اختلفوا فيها تعبيرا، ولا جامع لها كقول النوري: الحقيقة جمع الهمة مع المراد، ثم قال: عين العبد هو الحقيقة ومعلوم أن عين العبد الذي سماه حقيقة هنا ليس جمع الهمة مع المراد الذي سيماه حقيقة ثم ولا من جنسه، أو نوعه لضرورة أن جمع الهمة مع المراد فعل العبد لا عين العبد، هذا في كلام واحد منهم فكيف في كلمات جماعتهم؟ ثم الأقرب عندي في تفسير الحقيقة، والحق على اصطلاح مشايخ الصوفية أن يقال الحق هو الذات، والحقيقة الصفات ثم إنهم إذا أطلقوا ذلك، فإنما يريدون ذات الله تعالى وصفاته حجل وعلا= خاصة وإنما قلنا ذلك؛ لأن المريد السالك إذا تجاوز عن حدود النفس، والهوى، وعن الدنيا، والآخرة، ودخل في عالم الإحسان يقولون دخل في عوالم الحقيقة، ووصل إلى مقام الحقائق، وإن كان هو بعد في عالم الصفات، والأسماء ومهما وصل إلى الله تعالى يقولون وصل إلى الحق، وقلما يستعملون ذلك في ذوات أخر، وفي صفاتها لأن مقصودهم الكلى هو التوحيد المجرد عن الكثرة، وذلك بالاعراض عن كل ما سوى الله تعالى سيجيء بعض الكلام في الحق، والحقيقة في
Page 275