============================================================
شرح الأنفاس الروحانية يجبهم ونحيونه* [المائدة: 54] ثم وصفهم بأنهم يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم وليس كل المسلمين كذلك فعلم آنه ليس كلهم يحبون الله تعالى، وانما هم يريدونه تعالى ارادة ضعيفة فافهم ثم فوق ذلك درجة ثانية: وهو أن يريد الحق تعالى إرادة وسطا يحمله على طلبه على وجه لا يمنعه من طلبه ما في الطلب من المشقة وهم يسمون ذلك إرادة صادقة والمريد بها مريذا صادقا، ثم فوق ذلك درجة ثالثة: وهى إرادة تحمله على طلب المراد شاء أم أبى، ويشق عليه الامتناع من طلبه وتلك الإرادة تسمى حبا: ومحبة، وهذا المريد يسمى محبا ولو كان ذلك الإرادة إرادة الدنيا يسمى حرضا.
ثم فوق ذلك درجة رابعة: وهم يسمون الإرادة في تلك الدرجة شوقا، واشتياقا والسفهاء يسمونها عشقا، وفي هذه الدرجة تلتهب هذه الارادة التهابا يحرق المريد إحراقا، وفي ذلك الدرجة درجات أوها يلتهب التهابا كالتهاب الشمس في وسط برج جوزاء في ديار الحجاز يضره في نفسه وجده ويذبل ويضعف قواه ويسود وجهه ولونه، وأوسطها يلتهب التهابا فوق ذلك كالتهاب الشمس في قلب الأسد يزيد على الأول ضررا في النفس، والبدن، ويسقمه، ويجعله صاحب الفراش و محن، وآخرها أن يلتهب التهاب النار قيهلك في نفسه ويدنه إلا أن يصل إلى المراد قبل الهلاك وربما يكون كالبرق سريع الإتلاف بأن ينضم إليها لامعة الوجد فافهم هذا كله قبل الوصول إلى المراد، فإذا وصل تبقى ذلك المحبة، والإرادة، وينقلب تأثيرها في الاحتراق، والالتهاب إلى التلذذ والتطيب بالوصال فلا يحرق، ولا يحمل على الطلب إذ المراد حاصل واصل، وهذه الإرادة، والمحبة يسمى الآن رضا، ورضوانا في بعض الذوات: "اللهم ارزقنا الرضوان الأكير" يعني الحب مع دوام الوصال، والرضوان صنو الخلة، ثم
Page 256