شرح ألفية العراقي في علوم الحديث
Page inconnue
حقوق الطبع محفوظة
المركز الرئيس: اليمن - صنعاء
ت: ٧٣٣٧٠٢٧٩٢ - ٠٠٩٦٧
ص. ب: صنعاء (٤١٧٣)
البريد الإلكتروني: [email protected]
1 / 2
سلسلة أعمال حديثية
تنشر لأول مرة (٤)
شرح ألفية العراقي في علوم الحديث
تصنيف الإمام
زين الدين أبي محمد عبد الرحيم بن أبي بكر العيني
المتوفى سنة (٨٩٣هـ)
(ينشر لأول مرة)
دراسة وتحقيق
د. شادي بن محمد بن سالم آل نعمان
1 / 3
بسم الله الرحمن الرحيم
1 / 4
المقدمة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فبين يديك أخي القارئ الكريم أحد الأعمال التي تندرج تحت مشروعنا الذي أطلقنا عليه اسم «مشروع سلسلة أعمال حديثية تنشر لأول مرة»، والذي عمدنا فيه إلى إخراج كنوز تراثية لا تزال قابعة في عالم «ألَّا مطبوع»، فنزيح عنها-بحول الله وقوته- غبار الزمان، ونكشف الستار عن مكنونها وخباياها، لنخرجها إلى عالم «المطبوع» في حُلَّةٍ قشيبة-بعون الله وتوفيقه- ليعم الانتفاع بها بين أهل العلم وطلابه.
أما المجموعة الأولى من أعمال هذه السلسلة فهي:
١ - «قضاء الوطر من نزهة النظر» للَّقاني المالكي، طبع عن المكتبة الأثرية بالأردن في ثلاثة مجلدات.
٢ - «الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة» للحافظ ابن قطلوبغا طبع عن مركز النعمان في تسعة مجلدات.
٣ - «التكميل في الجرح والتعديل ومعرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل» للحافظ ابن كثير، في أربعة مجلدات.
٤ - «تجريد الأسماء والكنى» للفراء، في مجلد.
٥ - «شرح ألفية العراقي» للعيني، وهو الذي بين يديك.
1 / 5
٦ - «شرح الأجهوري على قسم الضعيف» من ألفية العراقي.
٧ - «مفتاح السعيدية في شرح الألفية الحديثية» لابن عمار المالكي، في مجلد.
٨ - «بهجة المحافل وأجمل الوسائل في التعريف برواة الشمائل» للقاني المالكي، في مجلد.
٩ - «ذيل لب اللباب في الأنساب» لابن العجمي، في مجلد.
وأنا أعمل بِجِدٍّ في هذا المشروع بإزاء مشروعي الآخر «موسوعة العلامة الألباني» والذي صدر منه العمل الأول «جامع تراث الألباني في العقيدة» في تسعة مجلدات، سائلًا المولى ﷿ أن يُنْعِم عليِّ بالأسباب المعينة على إنجاز هذه الأعمال وأن يجعل ذلك في ميزان حسناتي يوم ألقاه.
وكما عودنا الإخوة القُرَّاء فقد قدمنا لهذا العمل بمقدمة نافعة نعدها مدخلًا جيدًا لمن رام حسن الاستفادة، والله من وراء القصد.
وكتب
شادي بن محمد بن سالم آل نعمان
في صنعاء اليمن حرسها الله
في يوم السبت ٣٠/ ٣/١٤٣٢هـ
الموافق ٥/ ٣/٢٠١١م
1 / 6
المبحث الأول
ترجمة الناظم الإمام العراقي (١)
﵀
اسمه ولقبه وكنيته:
هو الإمام الحافظ الكبير زين الدين أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم.
نسبه ومذهبه:
الرازياني الأصل، المهراني، العراقي، المصري، الكُردي، الشافعي.
ورازيان (٢) بلدة من أعمال إربل، والمهراني نسبة لمنشأة المهراني التي ولد فيها.
_________
(١) مصادر الترجمة: "المعجم المفهرس" (ص١٧٦)، "إنباء الغمر" (٢/ ٢٧٥)، "لحظ الألحاظ" (ص٥٢)، "الضوء اللامع" (٤/ ١٧١)، "شذرات الذهب" (٧/ ٥٥)، "بهجة الناظرين" للغزي (ص١٢٩).
(٢) كذا في " المجمع المؤسس" (ص١٧٦)، و"طبقات الحفاظ" (١/ ١١٤)، و" ذيل طبقات الحفاظ " (ص٢٢٠)، إلا أن الذي في " الضوء اللامع " " رازنان " بالنون.
1 / 7
مولده:
ولد الحافظ العراقي في سنة (٧٢٥هـ) في شهر جمادي الأولى، بمنشأة المهراني بين مصر والقاهرة على شاطئ النيل.
نشأته العلمية:
تميز الحافظ العراقي بالذكاء المفرط، وسرعة الحافظة، فقد حفظ القرآن الكريم وله من العمر ثماني سنوات، وحفظ "التنبيه" وأكثر " الحاوي "، " والإلمام" إلى غير ذلك.
ثم أقبل على علم الحديث في سنة (٧٤٢هـ) ولازمه وأكب عليه من سنة (٧٥٢هـ) حتى غلب عليه وتوغل فيه، بحيث صار لا يعرف إلا به.
رحلاته:
سافر الإمام العراقي إلى كثير من الأقطار الإسلامية داخل مصر وخارجها طلبًا للعلم والتحصيل، فمن ذلك أنه سافر إلى مكة المكرمة، والمدينة المنورة، وبيت المقدس، والخليل، ودمشق، وحلب، والإسكندرية، وبعلبك، وحماة، وحمص، وصفد، وطرابلس، وغزة، ونابلس وغيرها.
شيوخه:
تكبّد الإمام العراقي المشاق، وتجشم الصعاب في الأسفار التي طاف بها كثيرًا من أقطار العالم الإسلامي، وكان هدفه الأسمى من ذلك
1 / 8
التحصيل ولقاء الحفاظ والاستفادة منهم، فلا غرو أن يكثر شيوخه كثرة يشق معها حصرهم والإحاطة بهم.
ومن أبرزهم:
أ- علي بن عثمان بن إبراهيم المارديني، علاء الدين، الشهير بابن التركماني الحنفي.
ب-محمد بن أحمد بن عبد المؤمن بن اللبان.
جـ- محمد بن أحمد بن عبد الوهاب العلائي، شهاب الدين، الشهير بابن بنت العز.
ومن استقرأ كتاب " الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة " للحافظ ابن حجر استخرج منه عددًا كبيرًا وجمًا غفيرًا من شيوخه.
تلاميذه:
تولى الإمام العراقي -رحمة الله- التدريس في مدارس عدة، فوفد إليه طلبة العلم من أنحاء كثيرة كي يتعلموا عليه، وينهلوا من معينه فكثروا كثرةً عظيمة، يصعب معها الحصر.
ومما استدعى كذلك كثرة طلبة الحافظ العراقي كثرةً مفرطة، أنه أحيىَ سنة الإملاء بعد أن كان دَرَس عهدها منذ عهد ابن الصلاح فأملى مجالس أربت على الأربعمائة مجلس، أتى فيها بالفوائد والمستجدات.
وقد ترجم لكثير من تلاميذه السخاويُّ في " الضوء اللامع " إلا أن أبرز تلاميذه هو الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، المتوفي
1 / 9
سنة (٨٥٢هـ).
مؤلفاته:
شرع الحافظ العراقي -رحمة الله- بالتصنيف في وقت مبكر، فولع بتخريج أحاديث " إحياء علوم الدين " للغزالي، وله من العمر قريب من العشرين سنة.
وألَّف ﵀ المؤلفات النافعة الكثيرة في مختلف الفنون والعلوم الشرعية، ومن أشهرها:
١.الألفية الحديثية.
٢.ألفية في علوم القرآن.
٣.ألفية في غريب القرآن.
٤.تقريب الأسانيد وترتيب المسانيد في الأحكام.
٥. التقييد والإيضاح.
٦. شرح الألفية.
٧. المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من أخبار.
وقد أورد مُحَقِّقَا «فتح المغيث» في مقدمة تحقيقهما كُلَّ ما وَقَفَا عليه من مصنفات العراقي فأوصلاها إلى (٦٧) مصنفًا.
1 / 10
وفاته:
توفي الحافظ العراقي نصف ليلة الأربعاء ثامن شعبان سنة (٨٠٦هـ) بالقاهرة، ودفن صبيحة يوم الأربعاء بتربتهم خارج باب البرقية، وكانت جنازته مشهودة، وقدم للصلاة عليه الشيخ أحمد بن جوبان الذهبي، وله من العمر إحدى وثمانون سنة.
هذا وقد توسع الشيخ الفاضل أحمد معبد عبد الكريم في الكلام على الحافظ العراقي في كتابه الحافل " الحافظ العراقي وأثره في السنة " فجزاه الله خيرًا.
1 / 11
المبحث الثاني
ترجمة الشارح زين الدين العيني (١)
﵀
اسمه ولقبه ونسبه وكنيته:
هو أبو محمد عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد، زين الدين الصَّالحي الحنفي، المعروف بالعَيني، نسبةً إلى رأس العَين، سكن صالحية دمشق.
مولده ونشأته وطلبه للعلم:
ولد زين الدين العيني بدمشق سنة ٨٣٧هـ.
ونشأ بها فحفظ القرآن وكُتُبًا، واشتغل بالفقه وأصوله عند حميد الدين، وبكثير من العقليات عند حسين قاضي الجزيرة ويوسف الرومي في آخرين، وقدم القاهرة فأخذ بها في الفقه وأصوله عن الزين قاسم، والقراءات عن الشهاب بن أسد، وأخذ في العروض عن أبي الفضل المغربي، ولكنه لم يستكثر من الشيوخ، وقد سمع على الشاوي ونشوان وغيرهما، وحضر عند السخاوي بعض المجالس، واختص بابن مزهر
_________
(١) مصادر ترجمته: «الضوء اللامع»: (٢/ ٢٣٤) و«هدية العارفين»: (١/ ٢٧٧) وهو غير بدر الدين العيني صاحب «عمدة القاري شرح صحيح البخاري».
1 / 12
ونوه به بحيث صار بأخرة يعد من أعيان مذهبه.
مصنفاته:
صنف زين الدين العيني في العربية والعروض، بل وفي أصولهم، وكذا كتب في تفسير اللغة التركية مع نظمٍ ونثرٍ وعقلٍ ومداراة.
ومن مصنفاته:
- تحفة المعاني في علم المعاني.
- مختصر تلخيص المفتاح.
-جهد المقل شرح تهذيب المنطق.
- الخصائص النبوية.
-الدرة المضية في اللغة التركية.
-شرح الألفية لابن مالك.
-شرح الألفية للعراقي في الحديث، وهو الذي بين يديك.
- شرح الجامع الصحيح للبخاري.
-شرح درر البحار للقونوي في الفروع.
-شرح الشمسية في المنطق.
-شرح فرائض المختار للموصلي.
-شرح المنار للنِّسَفي في الأصول.
1 / 13
- شرح النقاية لصدر الشريعة.
-شرح الوشاح في معاني والبيان.
-مختصر مدارك التنزيل في التفسير للنسفي، وزاد فيه.
- نظم تلخيص المفتاح وغير ذلك.
أعماله:
توجه زين الدين العيني للتدريس والإفتاء وأخذ عنه جماعة من الطلبة، وانتهى الأمر له في قضاء الحنفية بدمشق، وبالجملة فقد نال رياسة ووجاهة.
ثناء العلماء عليه:
قال الحافظ السخاوي عن موته: تأسفتُ على فَقْدِه، ونِعْمَ الرجل كان ﵀ وإيانا.
وفاته:
توفي زين الدين العيني سنة (٨٩٣هـ) ـ
1 / 14
المبحث الثالث (١)
التعريف بالألفية
· نظم الإمام العراقي ﵀ ألفيةً في علم المصطلح، اختصر فيها كتاب " معرفة أنواع علم الحديث " لابن الصلاح.
· ولم يكتف بالاختصار بل زاد بعض المسائل والأقوال والتعقبات على ما في كتاب ابن الصلاح، وقد نبه على هذا في ألفيته بقوله:
لخصت فيها ابن الصلاح أجمعه
وزدتها علمًا تراه موضعه
· وتبلغ عدد أبيات هذه الألفية ألف بيت وبيتين حسب التعداد لها من خلال شرح مصنفها لها في كتابه " شرح التبصرة والتذكرة ".
· أما عن تسمية الألفية، فإن العراقي لم يصرح في نفس الألفية بتسميتها لكنه قال في إجازته لتلميذه ابن حجر: "وقرأ علي " الألفية " المسماة بـ"التبصرة والتذكرة " من نظمي" (٢).
ففي هذه العبارة ذكرها ﵀ بوصفها " الألفية "، وباسمها " التبصرة والتذكرة " وهما أشهر أسمائها التي عرفت بها من بعد العراقي
_________
(١) المبحثان الثالث والرابع اقتبسناهما من مقدمة تحقيقنا على «شرح السيوطي على ألفية العراقي» (ص٢٢ - ٤٦)، مع زيادة تنقيح وإضافات كثيرة.
(٢) "الجواهر والدرر" (١/ ٢٧١).
1 / 15
علمًا عليها.
· أما عن طبعاتها، فهذه أشهرها:
الأولى: كانت بالهند سنة (١٣٠٠هـ) في (المطبع الفاروقي) بدلهي، باهتمام الأستاذ أبي سعيد محمد حسين الهزاوري.
الثانية: بمدينة الرباط بالمغرب.
الثالثة: بتحقيق الشيخ محمد حامد الفقي سنة (١٣٧٢هـ) ضمن مجموع أسماه "النفائس".
الرابعة: بعناية الشيخ أحمد شاكر وأخيه علي شاكر ضمن مجموع سمياه " الروائع "، بمطبعة (دار المعارف) بمصر، سنة (١٣٧٢هـ).
الخامسة: باسم " المقاصد المهمة " المسمى بـ"ألفية الحديث" في باكستان ومعها تعليقات لأبي الشفيق محمد رفيق الأثري، سماها "التعليقات الأثرية"، طبعها أعضاء (جمعية النشر والتأليف الأثرية)، سنة (١٩٦٨هـ).
السادسة: بتحقيق عبد الله محمد الحكمي، في (دار المعالي)، سنة (١٤١٥هـ).
السابعة: بتحقيق العربي الدايز الفرياطي، في (دار المنهاج)، سنة (١٤٢٦هـ)، ثم الطبعة الثانية في سنة (١٤٢٨هـ) وهي أجود هذه الطبعات، والله أعلم.
1 / 16
المبحث الرابع
التعريف بشروح ألفية العراقي
أتم الحافظ العراقي نظم الألفية يوم الخميس ثالث جمادي الآخرة سنة ثمان وستين وسبعمائة، ومنذ ذلك التاريخ ظهر اهتمام العلماء بها، فَقَلَّ أن تجد ترجمة من تراجم العلماء الذي طلبوا العلم بعد هذا التاريخ إلا ويذكر في ترجمته أنه حفظ أو قرأ ألفية الحديث، والمطالع لكتاب " الضوء اللامع " والتراجم المذكورة فيه يتضح له هذا بجلاء.
وما ذلك إلا نظرًا لما تمتعت به ألفية العراقي من ثراء الأسلوب، واحتواء المعاني، وترتيب الموضوعات، لا سيما وقد كان وَكْد الحافظ العراقي الأول هو تلخيص كتاب ابن الصلاح الذي هو العمدة في باب علوم الحديث.
فلم يكن بدعًا من الأمر أن تتوالي الشروح والحواشي على هذه الألفية، تلك الشروح التي جاءت لتوضح غامضها، وتحل مشكلها، وتبين مجملها، وتقيد مطلقها.
ثم إن تلك الشروح تختلف طولًا واختصارًا، حسب إشباع الشارح للمادة العلمية، كما تختلف في المنهج الشكلي للشرح وطريقته حسب قدرات الشارح أو وجهة نظره العلمية.
1 / 17
هذا وقد أطال بعضُ الأفاضل النفس في ذكر شروح الألفية، ومن أنفس ما وقفت عليه في ذلك كلام الشيخ الفاضل أحمد معبد عبد الكريم -حفظه الله- على ما وقف عليه من هذه الشروح في كتابه الحافل "الحافظ العراقي وأثره في السنة " (١)، كذا الشيخان الفاضلان عبد الكريم الخضير ومحمد بن عبد الله الفهيد في مقدمة تحقيقهما على كتاب " فتح المغيث " للسخاوي (٢).
كذا الأخ العربي الدايز الفرياطي في مقدمته على طبعته الثانيه من ألفية العراقي.
إلا أن كتاب الشيخ أحمد معبد تميز بالتوسع في الكلام على بعض هذه الشروح، والكلام على مناهج مؤلفيها، وعلى نسخها الخطية إن أمكن، إلى غير ذلك.
فاستفدت مما وقع عندهم جزاهم الله خيرًا استفادةً عظيمة، إلا أنه قد وقعت لهم بعض الأوهام فصححتها على ما ظهر لي، كما استدركت عليهم ما لم يذكروه، والله أعلم بالصواب.
وإليك الكلام على هذه الشروح وغيرها من الأعمال التي تناولت ألفية العراقي:
_________
(١) (٢/ ٧٩٣ - ٣/ ٩٤٦).
(٢) (صـ١٥٣ - ١٥٧).
1 / 18
١) الشرح الكبير للعراقي:
- ذكره العراقي نفسه في شرحه المتوسط -الآتي ذكره- حيث قال"وشرعت في شرح لها -أي الألفية- بسطته وأوضحته، ثم رأيته كبير الحجم فاستطلته ومللته ثم شرعت في شرح متوسط لها" (١) وقد أكثر من العزو إليه في مواضع من شرحه المتوسط (٢).
- وتكمن أهمية هذا الشرح في أنه شرح مُوَسَّع على الألفية، ثم إنه أول شرح كتب على "الألفية" على الإطلاق، حيث إن كل شروحات وتعليقات العلماء على الألفية جاءت متأخرة على شرحي العراقي الكبير والمتوسط.
-وقد نقل عن هذا الشرح عدد كبير من أهل العلم منهم البقاعي في " النكت الوفية " (٣)، وابن قطلوبغا في حاشيته على "شرح العراقي"، والسخاوي في "فتح المغيث"، وزكريا الأنصاري في " فتح الباقي" (٤)، وغيرهم، فحفظوا لنا جملًا ليست بالقليلة من هذا الشرح النفيس على "الألفية" الذي لم يُعثر على مخطوطاته حتى الآن فيما أعلم.
إلا أن الحافظ العراقي لم يتم هذا الشرح كما ألمح إليه بقوله: "وشرعت في شرح لها فاستطلته ومللته ثم شرعت في شرح لها متوسط"،
_________
(١) "شرح الألفية" (صـ٣).
(٢) " شرح الألفية " للعراقي (ص ١١، ١٤، ٢٢، ٢٥، ٢٦، ٣٦).
(٣) (١/ ١٠١، ١١٣).
(٤) " فتح الباقي " (ص ٣٧، ٥٣).
1 / 19
وقد قال ابن فهد في " لحظ الألحاظ" (١):"وشرع في شرح مُطَوَّل عليها، كَتَبَ منه نحوًا من سِتِّ كراريس، ثم تركه وعمل عليها شرحًا متوسطًا".
وقد حَدَّدَ لنا البقاعي موضع توقفه فقال (٢): " لم يوجد منه إلا قطعة يسيرة، وصل فيها إلى الضعيف".
ويظهر هذا جليًا بمطالعة المواضع المذكورة التي نقل فيها الأئمة عن هذا الشرح، إذ أن أيًا منها لم يتعد نوع" الضعيف " من الألفية.
٢) شرح التبصرة والتذكرة للعراقي نفسه:
وهو الشرح المتوسط الذي قال فيه: " غير مفرِط ولا مفرِّط يوضح مشكلها - أي الألفية ـ، ويفتح مقفلها، ما كثر فأمل، ولا قصر فأخل" (٣).
- ويعتبر هذا الشرح أول شرح كامل على الألفية.
- أما عن تسميته: فقد ذكره مصنفه عدة مرات بعبارة " شرح الألفية"، ووجد على كثير من نسخ الكتاب عبارة " شرح التبصرة والتذكرة " (٤).
- أما تسميته بـ"فتح المغيث" والتي اشتهرت كثيرًا في هذا العصر، فقد أطنب الشيخ الفاضل أحمد معبد في ردها وبيان أن تسمية الكتاب بهذا
_________
(١) (ص٢٣٠).
(٢) "النكت الوفية" (١/ ٥٦).
(٣) "شرح الألفية" (ص ٤).
(٤) "الحافظ العراقي وأثره" (٢/ ٨٤٢ - ٨٤٥).
1 / 20