Sharh Al-Wasatiyyah - Yusuf Al-Ghafis
شرح الواسطية - يوسف الغفيص
Genres
الشفاعة العظمى
هذه الشفاعة هي الشفاعة العظمى، ودليلها القرآن بظاهره، والسنة بصريحها، وإجماع أهل القبلة، فإن هذه المسألة حكي إجماع المسلمين عليها، وممن حكى إجماع المسلمين عليها الإمام ابن تيمية، فقد قال: إنها مجمع عليها بين سائر طوائف أهل القبلة، وهي الشفاعة العظمى بإجماع المسلمين، فضلًا عن السلف، ودليلها صريح السنة، بما ثبت في الصحيحين وغيرهما من غير وجه.
وأما قولنا: وظاهر القرآن؛ فلأن القرآن ليس صريحًا في هذا، فهو لم يذكر هذه الشفاعة صريحة، وإنما الصريح هو اللفظ المفصل، وأما القرآن فإنه ذكر لفظًا مجملًا، وهو قوله تعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [الإسراء:٧٩]، فهذا المقام المحمود هو الشفاعة، ولهذا ذهب جمهور المفسرين من السلف والصحابة ومن بعدهم -كما ذكره ابن عبد البر، وابن تيمية وابن جرير، وغيرهم- إلى أن المقام المحمود في القرآن هو الشفاعة العظمى، هذا هو المأثور في تفسير هذه الآية، وقد أشار النبي ﷺ إلى ذلك في حديث الأذان.
فيقال إذًا: إن دليل الشفاعة ظاهر القرآن، وصريح السنة، والإجماع القطعي، كما في حديث أبي هريرة، وكذلك جاء في البخاري وغيره عن أنس في سياق طويل؛ وفيه: أن الناس يأتون آدم فيعتذر، فيأتون نوحًا فيعتذر، فيأتون إبراهيم فيعتذر، فيأتون موسى فعيسى ..
فيأتون محمدًا ﷺ، قال: (فأنطلق فآتي تحت العرش، فأقع ساجدًا لربي، ثم يفتح الله عليّ ويلهمني من محامده وحسن الثناء عليه بشيء لم يفتح لأحد من قبلي، ثم يقال: يا محمد! ارفع رأسك، وسل تعط، واشفع تشفع).
فهذه هي الشفاعة العظمى.
17 / 3