230

============================================================

المرصد الخام المقعد الثالث: النظر الصحيح عند الجمهور الجواب أنك إذا حدقت نظرك إلى زيد وحده، ثم حدقته كذلك إلى عمرو القائم عنده، في حال تحديقك إلى عمرو كان عمرو مرئيا قصدا، وزيد مرثيا تبعا لا قصدا كذلك إذا لاحظت ببصيرتك مقدمة قصدا، وانتقلت منها سريعا إلى ملاحظة مقدمة أخرى كذلك كانت الثانية ملحوظة قصدا، والأولى تبعا فقد اجتمع العلمان وإن لم يجتمع التوجهان الشبهة (الثالثة النظر لو أفاد العلم) وعلم أن ذلك المفاد علم (فمع العلم بعدم المعارض) المقاوم (إذ معه) أي مع المعارض وظهوره للناظر (يحصل التوقف) لأن الجزم بمقتضاهما يوجب اعتقاد النقيضين، وبمقتضى أحدهما دون الآخر يوجب الترجيح بلا مرجح، فإذا لم يعلم عدم المعارض وجوز وجوده لم يعلم أن قوله: (وعلم أن ذلك إلخ) إشارة إلى أن الشبهة المذكورة تفيد نفي العلم بالإفادة، لا نفي نفس الإفادة كما سيظهر لك: قوله: (فمع العلم) أي يفيده مع العلم بعدم المعارض لا بنفسه فقط قوله: (أي مع المعارض وظهوره) يعني آن الضمير راجع إلى المعارض، والكلام على حذف المضاف أعني الظهور بقرينة أن حصول التوقف للناظر، إنما يترتب على ظهور المعارض له لا على وجوده في نفس الأمر.

قوله: (فإذا لم يعلم إلخ) اي إذا كان ظهور المعارض موجبا للتوقف، فإذا لم يعلم عدم المعارض وجوز وجوده لم يعلم أن المفاد علم، وإن كان علما في نفسه، وذلك لأن جواز وجود المعارض عند الناظر لا ينافي الجرم بالحكم المفاد بالنظر، إنما يتافيه وجود المعارض بالفعل، فيجوز أن يحصل له الجزم بالحكم بالنظر، ويكون مطابقا للواقع لعدم المعارض فيه وثابتا لاستناده إلى الدليل، مع تجويزه للمعارض لقدم العلم بعدمه إما بالفعل بان يكون مترددا أو بالقوة بأن يكون خالي الذهن، فلا يحصل العلم بأنه علم لعدم الجزم بثباته، وبهذا ظهر أن الشبهة قوله: (وعلم أن ذلك المفاد علم) قيل: أشار به إلى أن تقرير هذه الشبهة لا يتم بالنظر إلى نفس الإفادة، لأن عدم المعارض في نفس الأمر من غير ملاحظة وجوده وعدمه، كاف في نفس الافادة، وإليه أشار قول المصنف في الجواب: كما يفيد العلم بحقية النتيجة، وقد تبه الشارح فيما سبق على أن المدعى عندنا حقية الاعتقاد الحاصل عقيب النظر الصحيح ومعلومية حقيتها، فبعض الشبه ناظر إلى نفي الأول وبعضها إلى نفي الثاني، وأنت خبير بان عبارة المصنف، وإن امكن تطبيقها على هذا التقرير، بأن يريد بقوله الثالثة النظر لو أفاد العلم من حبث إنه علم، فإن هذه الحيثية تشير إلى العلم بعلمية المفاد لكن قول الشارح في تقرير الشبهة، أي مع المعارض وظهوره للناظر، وقوله: فإذا لم يعلم عدم المعارض وجوز وجوده يدل على جواز إجراء الشبهة بالنظر إلى نفس الإفادة أيضا، لأن تجويز الناظر وجود المعارض وظهوره له كما ينفي العلم بعلمية المفاد ينفي إفادة العلم أيضا، إذ الناظر إذا جوز وجود المعارض لنظره لم يحصل له قطع بالنتيجة

Page 230