شرح الجامع الصحيح
شرح الجامع الصحيح
Genres
قوله: «والهالك من هلك فيها»: أي دخلها وأحبها، أو رضي بها أو صوبها، فذلك ونحوه هو المشار إليه في حديث الحوض، بقوله: "وليذادن رجال عن حوضي الخ"، وفيه التصريح بأن الداخل في الفتنة هالك، على خلاف ما يزعم قومنا أن اختلافهم اجتهاد، وأن المخطئ معذور، بل له عندهم أجر الاجتهاد {قل هاتوا برهانكم, إن كنتم صادقين}[النمل:65].
قوله: «يوشك»: (بكسر الشين المعجمة)، أي يسرع، ويجوز فتح الشين، وقال الجوهري: هي لغة رديئة.
قوله: «غنما»: خبر يكون، قال ابن حجر: والأشهر غنم بالرفع، فهو اسم يكون، وخبرها خير.
قوله: «شعف الجبال»: (بفتح الشين المعجمة والعين المهملة بعدها فاء)، جمع شعفة، كأكم جمع أكمة، رؤوس الجبال والمرعى فيها، والماء أيسر من غيرها، لاسيما في بلاد الحجاز.
قوله: «ومواضع المطر»: يعني الأمكنة التي يقع فيها المطر من البادية، ويمكن أن يريد المواضع التي تجمع الماء من المطر، كالغدران، وأكثر ما يوجد هذا في الشعاب، وهي الفجاج التي بين الجبال والأودية، ولا مانع من إرداة الكل، ولا ينافيه، "من بدا جفا"، لأن الفرار بالدين إنما يكون بعد التفقه فيه، ويمكن التعميم، ويكون المعنى أن ذلك الجفاء على ما فيه خير من ارتكاب المخوف من الوقوع في الفتنة، والخبر دال على فضيلة العزلة، لمن خاف على دينه، وقد اختلف السلف في أصل العزلة، فقال الجمهور: الاختلاط أفضل لما فيه من اكتساب الفوائد الدينية والدنيوية، وقال قوم: العزلة أولى لتحقق السلامة، بشرط معرفة ما يتعين عليه فعله، وقد بسطت أدلة القولين في صلاة الجماعة من المعارج، واختار النووي تفضيل المخالطة لمن لا يغلب على ظنه أنه يقع في معصية، فإن أشكل الأمر، فالعزلة أولى، وقال غيره: يختلف ذلك باختلاف الأشخاص، فمنهم من يلزمه أحد الأمرين <1/132>منهم من يترجح له ذلك، وإن تساويا فيختلف باختلاف الأحوال، وإن تعارضا اختلفا باختلاف الأوقات، والله أعلم.
Page 155