شرح الحموية لابن تيمية - الراجحي
شرح الحموية لابن تيمية - الراجحي
Genres
نعت الفرق الضالة لأهل السنة بالنعوت الكاذبة والشنيعة
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقد صنف أبو إسحاق إبراهيم بن عثمان بن درباس الشافعي جزءًا سماه: (تنزيه أئمة الشريعة عن الألقاب الشنيعة) وذكر فيه كلام السلف وغيرهم في معاني هذه الألقاب، وذكر أن أهل البدع كل صنف منهم يلقب أهل السنة بلقب افتراه، يزعم أنه صحيح على رأيه الفاسد، كما أن المشركين كانوا يلقبون النبي ﷺ بألقاب افتروها، فالروافض تسميهم نواصب].
والروافض يكفرون الصحابة ويعبدون آل البيت، ويسمون أهل السنة نواصب، ويقولون: إنهم نصبوا العداوة لأهل البيت، وهم كذبة؛ فأهل السنة يتولون ويحبون أهل البيت والصحابة جميعًا، لكن لما كان أهل السنة يوالون الصحابة سموهم نواصب؛ لأنهم يقولون: لا ولاء إلا ببراء، وهذه قاعدة عندهم، فلا يتولى أحد آل البيت إلا بعد أن يتبرأ من أبي بكر وعمر، فمن لم يتبرأ منهما سموه ناصبيًا، وأهل السنة لا يتبرءون منهما بل يوالون الصحابة وأهل البيت، وهذه الآن طريقة الروافض، فكل طائفة الآن ترمي أهل السنة بلقب، فالنفاة من المعطلة يسمون أهل السنة مشبهة؛ لأنهم يثبتون الأسماء والصفات، والروافض يسمون أهل السنة نواصب؛ لأنهم نصبوا العداوة لأهل البيت كما يزعمون؛ ولأنهم والوا الصحابة، فالذي يوالي الصحابة لا بد أن يعادي أهل البيت عندهم، والذي يوالي أهل البيت ويوالي الصحابة فهو ناصبي ولا ينتفي عنه هذا الوصف إلا إذا تبرأ من الصحابة، وأهل السنة يقولون: نتولى هؤلاء جميعًا، فنحب أهل البيت ونحب الصحابة جميعًا.
فمن طريقة أهل البدع أنهم يرمون أهل السنة، وينبزونهم بالعيوب والألقاب تنفيرًا للناس عن الحق والعياذ بالله! والروافض فئة واحدة، لكن الشيعة طبقات كثيرة قد تصل إلى أربع وعشرين طبقة منهم الكافر ومنهم المؤمن على حسب الاعتقاد، فالزيدية مثلًا يفضلون عليًا على عثمان، وهم مبتدعة، لكن الروافض يسبون الصحابة ويكفرونهم، ويعبدون آل البيت، ويدعون أن القرآن ناقص، وهناك طائفة من طوائف الرافضة وهم أشدهم وأخطرهم وهم المخطئة الذين يخطئون جبريل ويقولون: إنه أخطأ في الرسالة فأوصلها إلى محمد وقد أرسله الله إلى علي، وهؤلاء كفرة، وهم غلاة النصيرية الذين يعبدون آل البيت ويؤلهون عليًا ويقولون: إن الله حل في علي، والعياذ بالله.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والقدرية يسمونهم مجبرة].
القدرية هم الذين ينفون القدر، ويقولون: إن الله لم يخلق أفعال العباد، وهؤلاء يسمون أهل السنة مجبرة، أي: أنهم يقولون: إن العبد مجبور، فكيف يفعل شيئًا مجبورًا عليه ثم يعذبه الله عليه؟ قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والمرجئة تسميهم شكاكًا].
المرجئة هم الذين يقولون: إن الإيمان هو التصديق والأعمال غير داخلة في مسمى الإيمان، ويقولون: إن الذي يقول: أنا مؤمن إن شاء الله، ويستثني في إيمانه فهو شاك؛ لأنه لا يجزم بأن عنده إيمانًا كاملًا، فيسمونهم الشكاك، وأهل السنة يقولون: إن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان، والإنسان حينما قال: أنا مؤمن إن شاء الله، فإنه لا يزكي نفسه؛ ولأن شعب الإيمان متعددة، وهو لا يجزم بأنه أدى ما عليه، فيقول: إن شاء الله، يعني: إن شاء الله أني أديت ما أوجب الله علي، أما هم فيقولون: إن الإيمان هو: التصديق بالقلب فقط، وأما الأعمال فليست من الإيمان.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والجهمية تسميهم مشبهة، وأهل الكلام يسمونهم حشوية ونوابت وغثاءً وغثرًا، إلى أمثال ذلك].
الحشوية: مأخوذة من الحشو، وحشو الكلام هو: الفضل الذي لا يعتمد عليه، فيعنون بذلك أن كلام أهل السنة لا قيمة له، وحشو الناس أرذلهم.
معنى نوابت: أي الصغار، يقال: نبتت لهم نابتة إذا نشأ لهم نشء صغار.
والغثاء في الأصل: ما يحتمله السيل من القماش والقمائم، ويشبه به كل شيء رديء من الناس وغيرهم، وغثرًا: الغثرة الجماعة الجهال، يقال: رجل أغثر إذا كان جاهلًا، وقد قال عثمان ﵁ حينما دخل عليه القوم ليقتلوه: إن هؤلاء رعاع غثرة.
أي: جهالًا، وفي أثر أويس: (أكون في غثراء الناس) إلى أمثال ذلك، كما كانت قريش تسمي النبي ﷺ، فيعنون أن أهل السنة جهالًا لا يعرفون المعاني، ولهذا تجدهم يأخذون بالظاهر فقط لجهلهم.
12 / 13