شرح العقيدة الواسطية لخالد المصلح

Khaled Al-Musleh d. Unknown
79

شرح العقيدة الواسطية لخالد المصلح

شرح العقيدة الواسطية لخالد المصلح

Genres

إثبات صفة السمع والرؤية لله سبحانه بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: قال رحمه الله تعالى: [﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ [المجادلة:١]، وقوله: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ﴾ [آل عمران:١٨١]، وقوله: ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾ [الزخرف:٨٠]، وقوله: ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ [طه:٤٦]] . هذه الآيات من قوله تعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا﴾ [المجادلة:١] إلى آخر ما قرأ، فيها إثبات صفة السمع لله ﷿، وفيها إثبات صفة الرؤية، وقد تقدم الكلام على الآيات التي ساقها المصنف ﵀ في إثبات صفة السمع والبصر لله جل وعلا، وعاد ذكر هاتين الصفتين، أما السمع فأعاده باسمه، يعني: بآيات تدل على ثبوت الصفة لله ﷿ بهذا الاسم، وأما البصر فأعاده باسم آخر قد ثبت به النص وهو الرؤية، وكلا الوصفين ثابت لله ﷿، وهو من الصفات الذاتية الثابتة لله تعالى على الوجه اللائق به. وأفادنا في هذه الآيات أن الله ﷾ يخص بعض خلقه بالسمع، ويخص بعض خلقه بالرؤية، وهذا التخصيص يفيد معنىً زائدًا على إثبات هذين الوصفين له ﷾، فقوله جل وعلا: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ﴾ فيه تخصيص المجادلة بسماع ما تكلمت به، وقوله ﷾: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ﴾ فيه تخصيص السمع بقول هؤلاء، وكذلك قوله: ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ﴾ فيه أيضًا تخصيص السمع بهؤلاء الذين يسرون ويتناجون بالباطل، وقوله: ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ﴾ فيه تخصيص موسى وهارون بسماع دعوتهما لفرعون، فهذه الآيات كلها أفادت أن الله ﷾ قد يخص بعض خلقه بسماع خاص، وهذا لا ينفي ثبوت السماع العام الذي ثبت له بالأدلة الكثيرة، ومن ذلك قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) . والرؤية جاء ما يدل على تخصيص بعض خلقه بالرؤية، كما في قوله تعالى: (إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى)، أما البصر فإنه لم يذكر في كتاب الله ﷿ خاصًا، إنما جاء عامًا، ومن تخصيص الرؤية قوله تعالى: ﴿وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ﴾ [التوبة:١٠٥] فهذا تخصيص عمل البعض بالرؤية، والخطاب في هذه الآية للمنافقين. المهم أن الأدلة دلت على أن الله ﷾ يخص بعض خلقه بالسمع، ويخص بعض خلقه بالرؤية، واعلم أيضًا أن من فوائد هذه الآية التي ساقها المؤلف ﵀ أن الله ﷾ يسمع الأشياء بعد وقوعها، يسمع الكلام بعد وقوعه، وكذلك يرى الأشياء بعد وجودها، وهذا فيه أن السمع والبصر يتعلقان بكل مبصر وكل مسموع بعد وجودهما، مع أنه ﷾ سميع بصير أزلًا وأبدًا، فكون السمع والبصر يتعلق بالمخلوقات هذا صفة فعل، وكونه متصفًا به أزلًا وأبدًا هذا صفة ذات. ومما أفاده ذكر سماعه ﷾ ورؤيته جل وعلا لبعض خلقه تهديده للقائلين قولًا باطلًا، ووعده بالأجر لمن قال قولًا حقًا أو فعل فعلًا حقًا، يعني: من فوائد التخصيص في السمع والبصر الوعد بالجزاء على العمل إن كان خيرًا فهو وعد، وإن كان شرًا فهو وعيد. ومن فوائده أيضًا النصر والتأييد، وذلك في مثل قوله تعالى: ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ [طه:٤٦]، والمراد هنا: ليس مجرد إثبات مطلق السمع ومطلق البصر أو مطلق الرؤية له جل وعلا، إنما المراد: إنني أعلم بحالكما، وقادر على نصركما وإظهاركما على عدوكما أو على من تدعوان، وثبوت ما تقدم من المعاني أمر قطعي لا حيلة في إنكاره ودفعه.

8 / 2