فالأول فعل والثاني فعل والصبابة رقة الشوق والرأفة رقة الرحمة والعشق رقة الحب واشتقاقها من الصبب وهو المنحدر من الأرض لأن المحب ينحدر قلبه إلى محبوبه كما أن الهوى مأخوذ من الهوى وهو الانحدار والسقوط يقال هوى إذا سقط انحدر يشهد لهذا قوله تعالى " واجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم " ومظان القبول جمع مظن وهو مفعل يراد به الزمان ونصبه على الظرف والعامل فيه ممتدة وتقديره وأيديهم ممتدة في الأوقات التي يوقنون أن الدعاء يستجاب فيها وإن جعلته ظرف مكان قدرته حيث يظن القبول وممتدة منبسطة وشافعة تدعو مرة بعد مرة ومعنى الشفع في اللغة الزيادة ومنه شفعت الرجل إذا صرت ثانيا له والشفع الزوج ومنه الشفعة وهو أن يشفعك فيما تطلب حتى تضمه إلى ما عندك فتزيده وتشفعه بها أي كان وترا فضم إليه ما شفعه وزاده. وقوله يهجع ويستيقظون أي ينام ولا ينامون الليل من الدعاء والشكر له يقال هجع الرجل هجوعا إذا نام قال تعالى " كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ".
وقوله " وحق لمن قام لله مقامه وصبر على الجهاد ونوى فيه نيته أن يلبسه الله لباس الضمير ويرديه رداء العمل ويصور إليه مختلفات القلوب ويسعده بلسان الصدق في الآخرين ".
وحق أوجب يقال حق لك أن تفعل كذا وحق عليك فإذا قلت حق قلت لك وإذا قلت حق قلت عليك ومعناه وجب عليك أن تفعل وهو حقيق أن يفعل كذا من الفعلين جميعًا. وقوله لمن قام لله أي حفظ ما استرعاه الله وتمسك به وأدى حقوقه يقال للخليفة هو القائم بالأمر وفلان قائم بكذا وكذا إذا كان حافظا له متمسكا قال الله تعالى " ومن أهل الكتاب أمة قائمة " إنما هو من المواظبة على الأمر والقيام به. وقوله وصبر على الجهاد صبره أي حبس نفسه عليه أخبرني المبارك بن عبد الجبار عن الحسن بن علي عن المازني عن ابن الأنباري قال: قال بعض أهل العلم صبر النفوس سمي صبرًا لأن تمرره في القلب وإزعاجه للنفس كتمرر الصبر في الفم قال وقال غيره سمي صبر النفوس صبرا لأنه حبس لها عن الاتساع في الغي والانبساط فيما يؤثر ومما يسخط الرب تعالى ذكره والجهاد مصدر جاهد في سبيل الله مجاهدة وجهادا. ونوى فيه نيته أي قصد قصده يقال فلان ينوي كذا من سفر أو عمل أي يقصده أن يلبسه الله لباس الضمير أي يظهر الله ﷿ ضميره
1 / 40