مهما يكن من شيء فزيد منطلق فحذفت هذه الجملة استغناء بأما عنها وعوضت من الحذف عمل ما بعد الفاء قبلها إذا قلت أما زيدًا فضربت لأن الفاء وسائر حروف العطف لا يعمل ما بعدها فيما قبلها وإنما لزم تقديم الاسم في قولك أما زيد فمنطلق لأن أما نائبة من حرف الجزاء والفعل المجازي به ولا بد للفعل من فاعل فلذلك وليتها الأسماء دون الأفعال. وبعد منصوب على الظرف وهو معرب لإضافته إلى الحمد والعامل فيه ما في أما من معنى الفعل والتقدير مهما يكن من شيء بعد حمد الله وإن شئت كان العامل فيه ما بعد الفاء بتقدير فإني رأيت بعد حمد الله أكثر أهل. وجاز تقديمه لأنه ظرف والظروف يتسع فيها. وقبل وبعد معربتان بالنصب والجر إذا كانتا مضافتين أو نكرتين فإن قطعتهما عن الإضافة بنيتهما على الضم لأن الفتح والكسر يكون فيهما إعرابًا وإنما استحقا البناء لأن معناهما يفهم بالإضافة فلما دلتا مفردتين على ما تدلان عليه مضافتين بنيتا لخروجهما عن بابهما ومفارقتهما. طريقتهما فإن نكرتهما أعربتهما لزوال العلة التي أوجبت لهما البناء فتقول جئت قبلا وبعدا ومن قبل ومن بعد ويسميهما النحويون في حال الحذف غاية لأن نهاية لأن الكلمتين ما أضيفتا إليه فلما حذف المضاف إليه صار آخر كل واحدة منهما غاية لها. وحمد مصدر حمدت أحمد حمدًا ومحمدة ومحمدة وهو أعم من الشر لأن الحمد الثناء على الرجل بما فيه من حسن والشكر الثناء عليه بمعروف أولاه والمحامد جمع محمدة ومحمدة وهي أيادي الله ونعمه. والثناء بتقديم الثاء ممدود تكرير الحمد ولا يكون في الذم وهو فعال من ثنيت تقول منه أثنيت على الرجال أثناء حسنًا والثناء الاسم وربما استعمل في الشر قال زهير:
سيأتي آل حصن حيث كانوا ... من الكلمات ما في ثناء
وقال الأعشى
وإن عتاق الخيل سوف يزوركم ... ثناء على أعجازهن معلق
ولقائل أن يقول إنما سمى الذم ثناء في هذين البيتين على سبيل التهكم والهزء ويقال أن الأعشى أراد المدح الذي يحدين به والحادي من ورائها كما ان الهادي أمامها. وأما النثا بتقديم النون والقصر فهو الخبر يكون في الخير والشر والفعل
1 / 16