تقديم فضيلة الشيخ محمد المنتقى الكشناوى
الحمد لله العزيز القهار، العالم بالاسرار الذي اصطفى سيد البشر سيدنا محمد بن عبد الله بنبوته، ورسالته، وحذر جميع خلقه مخالفته فقال عز من قائل فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا وصلوات الله وسلامه عليه وآله وصحبه وأزواجه وذريته أجمعين.
أما بعد: فاعلم أن علم الحديث ومن جملته علم السيرة النبوية أجل العلوم قدرا وأكملها مزية، من حازه فقد حاز فضلا كثيرا، ومن أوتيه فقد أوتي خيرا كثيرا. فقد روي عن سفيان الثوري ﵀ كما ذكره ابن الصلاح في مقدمة علوم الحديث له قال: «ما أعلم عملا أفضل من طلب الحديث لمن أراد به الله ﷿» . قال ابن الصلاح: وروينا نحوه عن ابن المبارك أهـ.
قاله العلامة أبو الفيض مولانا جعفر الحسني الادريسي الشهير الكتاني رحمه الله تعالى وإيانا في مقدمة كتابه «نظم المتناثر من الحديث المتواتر» .
ثم كما قال بعض الصالحين رضوان الله تعالى علينا وعليهم: إن معرفة عبادة الله تعالى والعمل بدينه الذي أنزله لصلاح شؤون العباد في الدنيا والآخرة متوقفة على معرفة هدى رسول الله ﷺ وطريقته العملية التي بين فيما شرع الله تعالى أول ما نزل عليه الوحي إلى أن أكمل الله تعالى هذا الدين وقد وعت كتب السنة والمغازي والتاريخ والشمائل أقوال النبي ﷺ، وأفعاله، وصفاته من أول نشأته إلى أن اختاره الله تعالى إلى جواره، لا سيما الفترة التي أدّى فيها الرسالة ولم تدع أمرا من أموره ولا شيئا من شؤونه دقّ أو جل إلا أحصته حتى
1 / 7
انك لتجد فيها صفة ثيابه وجلوسه ونهوضه من نومه وهيئته في ضحكه وابتسامه ومشيته وعبادته في ليله ونهاره، وكيف كان يفعل إذا اغتسل وإذا أكل وكيف كان يشرب وماذا كان يلبس وكيف كان يتحدث للناس إذا لقيهم. وما كان يحب من الألوان وما هي حليته وشمائله.
ولسنا نعدو الحقيقة إذا قلنا: إنه ليس في الدنيا إنسان كامل يتحدث التاريخ عن سيرته على التفصيل كما تحدث عن تفاصيل حياة نبينا محمد ﷺ خاتم النبيين. وأن من أوفى كتاب في هذا الموضوع هو كتاب الشمائل المحمدية للإمام الحافظ المحقق محمد بن عيسى الترمذي نفعنا الله تعالى به وأعاد علينا من بركاته آمين.
وقد استوعب رحمه الله تعالى في كتابه هذا هديه ﷺ في صفاته، وقد كان من حسن الحظ أن نتعرف على فضيلة الأخ الكبير الشيخ محمد عفيف الزعبي رحمه الله تعالى وإيانا والمؤمنين بدار العلم للطباعة والنشر، جدة وقد عرض علينا فضيلته نسخة من تحقيقه للكتاب فأرادنا أن نشاركه في الأجر بتقديم الكتاب للقراء راجيا من المولى الكريم أن يجازيه بأحسن الجزاء على هذا العمل العظيم ولكل من ساعد وساهم في إخراج هذا الكتاب الجليل، وأن ينفع به الطلاب، والمسلمين آمين. والحمد لله رب العالمين وصلى الله تعالى وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه.
محمد المنتقى الكشناوى
1 / 8
ترجمة: الامام الترمذى
نسبه:
هو أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك السلمي «١»
ولادته ووفاته:
ولد الامام الحافظ أبو عيسى في قرية بوغ في سنة (٢٠٩ هـ) ثم انتقل منها إلى مدينة ترمذ «٢» إلى أن توفاه الله تعالى فيها سنة (٢٧٩ هـ) وله سبعون سنة.
شيوخه وتلاميذه:
يعتبر المؤرخون عصر الترمذي العصر الذهبي لعلم الحديث حيث كان رائد بعثه وازدهاره الامام محمد بن إدريس الشافعي المطلبي ناصر السنة.
حيث علم الناس عامة وأهل العراق ثم مصر خاصة معنى الاحتجاج بالسنة
_________
(١) بضم السين منسوب الى بنى سليم بالتصغير قبيلة من غيلان/ كذا ذكره ابن عساكر وقال السمعاني ابن شداد بدل ابن الضحاك. وأبو عيسى كنيته ومحمد اسمه وعيسى اسم أبيه وسورة اسم جده كما في القاموس ومعنى السورة في الأصل الحدة.
(٢) قال صاحب القاموس ترمذ بكسر التاء وهي مدينة قديمة على طرف نهر بلخ من جهة شاطئه الشرقي ويقال لها مدينة الرجال. وقال الشيخ ابراهيم الباجوري فيها ثلاث لغات كسر التاء والميم وهو الأشهر وضمها وهو ما يقوله المتقنون وأهل المعرفة وفتح التاء وكسر الميم وثانية ساكن في الوجوه الثلاثة.
1 / 9
ومعنى العمل بها مع القرآن، وحدد أصول ذلك وحررها، وأقام الحجة على مناظريه بوجوب الأخذ بالحديث وأفحمهم. من ذلك نرى أن الأئمة الأعلام أصحاب كتب السنة نبغوا في الطبقة التالية لعصر الشافعي مباشرة، وان لم يدركوه رؤية وسماعا لتقدم وفاته، ولكنهم أدركوا اقرانه ومعاصريه ومناظريه وكبار تلاميذه.
وبسرد بسيط لتواريخ ولادتهم ووفاتهم تظهر المقارنة واضحة
١- فالبخاري/ محمد بن اسماعيل ابو عبد الله ولد في شوال سنة ١٩٤ هـ ومات يوم السبت غرة شوال من سنة ٢٥٦ هـ.
٢- ومسلم بن الحجاج القشيري أبو الحسن ولد في سنة ٢٠٩ هـ ومات في ٢٥ رجب سنة ٢٥٦ هـ.
٣- والامام الحافظ الترمذي ولد سنة ٢٠٩ هـ ومات في ١٣ رجب سنة ٢٧٩ هـ.
٤- وأبو داوود سليمان بن الأشعث السجستاني ولد سنة ٢٠٢ هـ ومات في ١٦ شوال سنة ٢٥٧ هـ.
٥- والنسائي أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن ولد سنة ٢١٥ هـ ومات في ١٣ صفر ٣٠٣ هـ.
٦- وابن ماجه محمد بن يزيد بن ماجه أبو عبد الله ولد سنة ٢٠٩ هـ ومات في ٢٢ رمضان سنة ٢٧٣ هـ.
٧- وقد روى هؤلاء الأئمة الستة عن شيوخ كثيرين متفرد بعضهم بالرواية عن بعض الشيوخ واشترك بعضهم مع غيره في الرواية عن آخرين، واشتركوا جميعا في الرواية عن تسعة شيوخ فقط وهم:
1 / 10
وقد أدرك أبو عيسى الترمذي شيوخا أقدم من هؤلاء وسمع منهم وروى عنهم. قال الذهبي في تذكرة الحفاظ: سمع قتيبة بن سعيد «١» وأبا مصعب «٢» وإبراهيم بن عبد الله الهروي «٣»، وإسماعيل بن موسى السدي «٤»، وسويد بن نصر «٥»، وعلي بن صخر «٦» .
والترمذي تلميذ البخاري وخريجه، وعنه أخذ علم الحديث وتفقه فيه ومرن بين يديه، وسأله واستفاد منه، وناظره فوافقه وخالفه، كعادة هؤلاء العلماء، في اتباع الحق حيث كان. وقد طاف ابو عيسى البلاد، وسمع خلقا من الخراسانيين والعراقيين والحجازيين.
_________
(١) قتيبة بن سعيد الثقفي أبو رجاء ولد سنة ١٥٠ هـ ومات سنة ٢٤٠ هـ.
(٢) أبو مصعب: أحمد بن أبي بكر الزهري المدني ولد سنة ١٥٠ هـ ومات سنة ٢٤٢ هـ.
(٣) ابراهيم بن عبد الله بن حاتم الزهري ولد سنة ١٧٨ هـ ومات سنة ٢٤٤ هـ.
(٤) إسماعيل بن موسى الفزاري السدي مات سنة ٢٤٥ هـ.
(٥) سويد بن نصر بن سويد المروزي السدى مات سنة ٢٤٠ هـ وعمره ٩١ سنة.
(٦) علي بن حجر المروزي مات سنة ٢٤٤ هـ وقد قارب المائة.
1 / 11
شهادة العلماء فيه وفي كتبه:
قال الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي (أخبرنا الحسن بن أحمد أبو محمد السمرقندي مناولة أخبرنا أبو بشر عبد الله بن محمد بن محمد بن عمرو، حدثنا أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد الادريسي الحافظ قال: محمد بن عيسى بن سورة الترمذي الحافظ الضرير، أحد الأئمة الذين يقتدى بهم في علم الحديث.
صنف كتاب الجامع والتواريخ والعلل، تصنيف رجل عالم متقن، كان يضرب به المثل في الحفظ.
وقال عنه السمعاني في الانساب بأنه «إمام عصره بلا مدافعة، صاحب التصانيف»، وبأنه «أحد الائمة الذين يقتدى بهم في علم الحديث» .
ونقل الذهبي في تذكرة الحفاظ والصفدي في نكت الهميان، والمزي في التهذيب أن ابن حبان ذكره في الثقات وقال: «كان ممن جمع وصنف وحفظ وذاكر» .
ووصفه المزي في التهذيب بأنه «الحافظ صاحب الجامع وغيره من المصنفات، أحد الائمة الحفاظ المبرزين، وممن نفع الله به المسلمين» .
وقال الذهبي في الميزان «الحافظ العلم، صاحب الجامع، ثقة مجمع عليه، ولا التفات إلى قول أبي محمد بن حزم فيه في الفرائض من كتاب الأيصال: إنه مجهول، فإنه ما عرف ولا درى بوجود الجامع ولا العلل له» .
وقال ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب «كان مبرزا على الاقران، آية في الحفظ والاتقان» .
ونقل الحاكم أبو أحمد عن أحد شيوخه قال «مات محمد بن إسماعيل البخاري ولم يخلف بخرسان مثل أبي عيسى في العلم والحفظ والورع والزهد، بكى حتى عمي، وبقي ضريرا سنين» .
وفي التهذيب: قال أبو الفضل البيلماني: سمعت نصر بن محمد الشبركوهي يقول: سمعت محمد بن عيسى الترمذي يقول: قال لي محمد بن إسماعيل- يعني
1 / 12
البخاري- ما انتفعت بك أكثر مما انتفعت بي» .
وقال ابن الأثير في تاريخه «كان إماما حافظا، له تصانيف حسنة منها الجامع الكبير وهو أحسن الكتب» .
وقال أبو علي منصور بن عبد الله الخالدي عن الترمذي أنه قال في شأن كتابه (الجامع) صنفت هذا الكتاب فعرضته على علماء الحجاز والعراق وخراسان فرضوا به ومن كان في بيته هذا الكتاب فكأنما في بيته نبي يتكلم.
قول العلماء في كتاب الشمائل:
يقول علي بن سلطان محمد القاري:
ومن أحسن ما صنف في شمائله وأخلاقه ﷺ كتاب الترمذي المختصر الجامع في سيره على الوجه الأتم بحيث أن مطالع هذا الكتاب، كأنه يطالع طلعة ذلك الجناب، ويرى محاسنه الشريفة في كل باب.
وقال محمد بن محمد الجزري رحمه الله تعالى:
أخلاي إن شط الحبيب وربعه ... وعز تلاقيه وناءت منازله
وفاتكم أن تبصروه بعينكم ... فما فاتكم بالعين فهذي شمائله
وللأديب محي الدين عبد القادر الزركشي في وصف كتاب الشمائل:
يا أشرف مرسلا كريما ... ما ألطف هذي الشمايل
من يسمع وصفها تراه ... كالغصن مع النسيم مايل
وقال الشيخ عبد الرؤوف المناوي:
«فإن كتاب الشمائل لعلم الرواية وعلم الدراية للامام الترمذي جعل الله قبره روضة عرفها أطيب من المسك الشذي كتاب وحيد في بابه فريد في ترتيبه واستيعابه، لم يأت له أحد بمماثل ولا بمشابه، سلك فيه منهاجا بديعا ورصعه بعيون الاخبار وفنون الآثار ترصيعا حتى عد ذلك الكتاب من المواهب وطار في المشارق والمغارب.
1 / 13
وكان ممن تصدى لشرحه أفضل المدققين وأحد المحققين مولانا عصام الدين الاسفرايني الشافعي.
وتلاه العالم النحرير الفقيه الشهير الشهاب بن حجر نزيل مكة فأطال وأطاب.
قال أبي الفداء اسماعيل:
ومن أحسن من جمع في ذلك فأجاد وأفاد الامام أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي رحمه الله تعالى أفرد في هذا المعنى كتابه المشهور بالشمائل المحمدية، ولنا به سماع متصل إليه.
1 / 14
قال الحافظ «١» أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي «٢»:
١- باب ما جاء في خلق «٣» رسول الله ﷺ
١- حدثنا «٤» أبو رجاء قتيبة بن سعيد «٥» عن مالك بن أنس «٦» عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن «٧» عن أنس بن مالك «٨» أنه سمعه يقول:
«كان رسول الله ﷺ ليس بالطويل البائن «٩» ولا بالقصير، ولا بالأبيض
_________
(١) الحافظ في اصطلاح المحدثين: من أحاط علمه بمائة ألف حديث متنا واسنادا.
(٢) ترمذ: علم لبلدة قديمة، تقع على نهر «بلخ» المعروف بنهر جيحون، شمالي إيران، وهي بكسر التاء والميم ويجوز ضمهما. اليها نسب الامام الترمذي، وتوفي فيها سنة تسع وسبعين ومائتين وله سبعون سنة.
(٣) الخلق: بفتح الخاء وسكون اللام. والمراد به هنا صورته وشكله ﷺ. والخلق بضمتين: ما تحلى به ﷺ من صفاته الباطنة؛ كالحلم والعلم. والشمائل: جمع شمال بمعنى الطبع والسجية. وأحاديث الشمائل تبلغ [٤٠٠] حديثا وأبوابه [٥٦] بابا.
(٤) وفي نسخة (أخبرنا) .
(٥) اسمه (يحيى)، ولقبه (قتيبة)؛ وقيل اسمه (علي) . رحل الى العراق والمدينة ومكة والشام ومصر، وسمع مالك بن أنس وخلقا كثيرا من الاعلام، وروى عنه البخاري والترمذي وخلق كثير من الائمة. ولد سنة ثمان واربعين ومائة وتوفي سنة أربعين ومائتين. وكان ثقة ثبتا.
(٦) الامام المشهور من الائمة الاربعة، وهو من كبار أتباع التابعين، أخذ عن نافع مولى ابن عمر وعن الزهري وغيرهما، وقيل بلغ مشايخه تسعمائة، وأخذ عنه الشافعي ومحمد بن الحسن الشيباني وأمثالهما. ولد سنة ٩٥ هـ، وتوفي سنة ١٧٩ هـ.
(٧) فقيه المدينة ابو عثمان القرشي المدني المعروف بربيعة الرأي، حافظ فقيه ثبت مجتهد بصير الرأي، توفي بالأنبار أو بالمدينة سنة ١٣٦ هـ. قال مالك: ذهبت حلاوة الفقه بموته.
(٨) هو أبو النضر أنس بن مالك الانصاري البخاري الخزرجي، خادم رسول الله ﷺ عشر سنين، وهو آخر من مات بالبصرة من الصحابة سنة ٧١ هـ.
(٩) البائن: الظاهر.
1 / 15
الأمهق، ولا بالآدم «١» ولا بالجعد القطط ولا بالسّبط «٢»، بعثه الله تعالى على رأس أربعين سنة، فأقام بمكة عشر سنين «٣» وبالمدينة عشر سنين، وتوفاه الله على رأس ستين سنة «٤» وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء» «٥» .
٢- حدثنا حميد بن مسعدة البصريّ «٦» . حدثنا «٧» عبد الوهاب الثقفي «٨» عن حميد «٩» عن أنس بن مالك قال:
«كان رسول الله ﷺ ربعة «١٠» ليس بالطويل ولا بالقصير، حسن الجسم،
_________
(١) الأمهق: الشديد، والآدم: الأسمر.
(٢) الجعد: بفتح وسكون الشعر فيه التواء وانقباض. والقطط بفتحتين: على الأشهر ويجوز كسر ثانيه وهو شعر الزنجي الجعودة والسبط بفتح فكسر: الشعر المسترسل، الذي ليس فيه تعقد ولا نتوء أصلا.
(٣) وفي رواية أقام بها ثلاث عشرة فتحمل رواية العشر على أن الراوي حذف الكسر الزائد عن العشرة.
(٤) وفي رواية وهو ابن ثلاث وستين وهي أشهر واصح وتحمل رواية الستين على ان الراوي حذف الزائد على العشرات.
(٥) والحديث أخرجه البخاري في صفة النبيّ ﷺ وفي اللباس ومسلم في الفضائل والترمذي في سننه في اللباس والمناقب ومالك في الجامع.
(٦) هو أبو علي السامي من بني سامة بن لؤي، واسع الرواية كثير الحديث، روى عنه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم، سمع أيوب ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهما. توفي سنة «٢٢٤» هـ. والبصري: نسبة الى البصرة البلد المشهور، وهو مثلث الباء والفتح فيه أفصح ولم يسمع الضم في النسبة.
(٧) وفي نسخة «قال حدثنا عبد الوهاب الثقفي» .
(٨) الحافظ أبو محمد أحد أشراف البصرة، ثقة جليل القدر، روى عنه الشافعي وأحمد بن حنبل وابن راهويه، وخرج له الجماعة. ولد سنة «١٠٨» هـ وتوفي سنة «١٩٤» هـ.
(٩) أبو عبيدة الخزاعي البصري، اختلفوا في اسم أبيه فقيل: تير وقيل تيرويه وقيل غير ذلك ويقال له حميد الطويل. روى عن أنس بن مالك. قالوا عنه: ثقة مدلس. وعابه زائدة لدخوله في شيء من أمر الأمراء وهو من صغار التابعين. توفي سنة «١٤٢» أو «١٤٣» هـ.
(١٠) ربعة بفتح الراء وسكون الباء أي كان متوسطا بين الطول والقصر.
1 / 16
وكان شعره ليس بجعد ولا سبط أسمر اللون، إذا مشى يتكفأ «١»» «٢» .
٣- حدثنا محمد بن بشار «٣» «يعني العبدي» «٤» . حدثنا محمد بن جعفر «٥» .
حدثنا شعبة «٦» عن أبي إسحق «٧» قال: سمعت البراء بن عازب «٨» يقول:
«كان رسول الله ﷺ رجلا مربوعا، بعيد ما بين المنكبين، عظيم
_________
(١) يتكفأ: أي يسرع في مشيه. وفي نسخ يتوكأ.
(٢) أخرجه البخاري في صفة النبي ﷺ وفي اللباس ومسلم في الفضائل باب صفة شعر النبي ﷺ ك ٤٣ ب ٢٦ ح ٢٣٣٨ والترمذي في سننه في اللباس حديث رقم ١٧٥٤ وفي المناقب برقم ٣٦٢٧ والنسائي في الزينة ومالك في الجامع.
(٣) محمد بن بشار بن عثمان البصري، المعروف ببندار الحافظ، أحد الثقات المشاهير. قال الحافظ ابن حجر: هو شيخ الأئمة الستة. قال أبو داود: كتبت عنه خمسين ألف حديث. سمع محمد بن جعفر وخلقا، وهو من كبار الآخذين عن تبع التابعين. والعبدي: نسبة الى عبد قيس وكان مولى لهم. توفي سنة «٢٥٢» هـ.
(٤) قوله «يعني العبدي» بصيغة الغائب: إن كان من كلام المصنف فهو التفات، والأرجح انها إدراج من بعض تلامذته الذين نقلوا عنه الكتاب، والله أعلم.
(٥) أبو عبد الله محمد بن جعفر البصري الهذلي مولاهم المعروف بغندر أخرج حديثه الأئمة الستة في صحاحهم. روى عن شعبة بن الحجاج، وجالسه نحوا من عشرين سنة. وروى عنه أحمد ابن حنبل ويحيى بن معين. لقب بغندر كقنفذ لاكثاره السؤال في مجلس ابن جريج فقال: ما تريد يا غندر فجرى عليه. توفي سنة «١٩٣» هـ ومعناه في اللغة محرك الشر.
(٦) شعبة بن حجاج بن بسطام العتكي مولاهم. الحافظ الثبت، كان الثوري يقول: هو أمير المؤمنين في الحديث، كان إماما من أئمة المسلمين وركنا من أركان الدين به حفظ الله أكثر الحديث، قال الشافعي: لولا شعبة ما عرف الحديث بالعراق. سمع الحسن والثوري وخلقا كثيرا. وهو من كبار أتباع التابعين. توفي سنة «١٦٠» هـ.
(٧) أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الهمداني الكوفي، أحد الأعلام تابعي كبير مكثر، له ثلاثمائة شيخ، عابد غزا مرات. ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان، وتوفي سنة «١٢٧» أو «١٢٩» هـ.
(٨) البراء بن عازب: صحابي. جليل، كنيته: أبو عمارة، أول مشهد شهده في الخندق وافتتح الرّيّ توفي بالكوفة أيام مصعب بن الزبير.
1 / 17
الجمة «١»، إلى شحمة أذنيه، عليه حلة حمراء «٢» ما رأيت شيئا قطّ أحسن «٣» منه»
٤- حدثنا محمود بن غيلان «٤» . حدثنا وكيع «٥» . حدثنا سفيان «٦» عن أبي اسحاق عن البراء بن عازب قال:
«ما رأيت من ذي لمة «٧» في حلّة حمراء أحسن من رسول الله ﷺ، له شعر يضرب منكبيه، بعيد ما بين المنكبين، لم يكن بالقصير ولا بالطويل» «٨» .
_________
(١) رجلا: بكسر الجيم الشعر بين السبوطة والجعودة. وقع في بعض النسخ: (بعيد) بصيغة التصغير وهو تصغير ترخيم قال الحافظ ابن حجر: «وقيل بالتصغير وهو غريب بل في صحته نظر» . والجمة: بضم الجيم وتشديد الميم، وهي ما سقط من شعر الرأس ووصل الى المنكبين واللمة ما جاوز شحمة الأذن.
(٢) الحلة: ثوبان أو ثوب له بطانة.
(٣) والحديث أخرجه البخاري ومسلم في الفضائل برقم ٢٣٣٧ وأبو داود في اللباس برقم ٤٠٧٢ والنسائي وابن ماجه برقم ٣٦٩٩ والترمذي في سننه في اللباس برقم ١٧٢٤.
(٤) الحافظ أبو أحمد محمود بن غيلان، سمع الفضل بن موسى وغيره. ثقة من كبار الآخذين عن تبع التابعين. توفي سنة «٢٣٩» هـ. خرج له الشيخان والمصنف.
(٥) الحافظ أبو سفيان وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي، من كبار الطبقة السابعة. سمع سفيان الثوري وخلقا وروى عنه قتيبة وخلق كثير. وهو من مشايخ الحديث الثقات المعمول بحديثهم المرجوع الى قولهم. كان يفتي بقول أبي حنيفة وقد سمع منه توفي سنة «١٩٧» هـ.
(٦) سفيان مثلث السين والأشهر الضم. وهو الثوري جزم بذلك ميرك شاه، كما صرح به المؤلف في جامعه في هذا الحديث بعينه، فبطل قول بعض الشراح في أنه ابن عيينة. والثوري: نسبة الى أحد أجداده.
(٧) اللمة- بكسر اللام وتشديد الميم المفتوحة شعر الرأس المجاوز شحمة الأذن.
(٨) انظر تخريج الحديث السابق.
1 / 18
٥- حدثنا محمد بن اسماعيل «١» . حدثنا أبو نعيم «٢» . حدثنا المسعودي «٣» عن عثمان بن مسلم بن هرمز «٤» عن نافع بن جبير بن مطعم «٥» عن علي بن أبي طالب قال:
لم يكن النّبيّ ﷺ بالطويل ولا بالقصير، شثن «٦» الكفين والقدمين، ضخم الرأس ضخم الكراديس «٧»، طويل المسربة «٨»، إذا مشى تكفأ تكفؤا كأنما «٩» ينحط من صبب «١٠»، لم أر قبله ولا بعده مثله ﷺ» «١١» .
٦- حدثنا أحمد بن عبدة الضبي البصري «١٢» وعلي بن حجر «١٣»، وأبو جعفر
_________
(١) محمد بن إسماعيل البخاري، صاحب الصحيح، إمام المحدثين، جبل الحفظ، روي أنه رؤي في البصرة قبل أن تطلع لحيته وخلفه ألوف من طلبة الحديث، وروي عنه أنه قال: أحفظ مائة ألف حديث صحيح ومائتي ألف حديث غير صحيح، توفي سنة «٢٥٦» هـ.
(٢) أبو نعيم الفضل بن دكين، من كبار شيوخ البخاري، كان غاية الاتقان والحفظ، وهو حجة. قال الرافعي في تاريخ قزوين: رمي بالتشيع لذلك تكلم الناس فيه، لكن احتج به الجماعة. توفي سنة «٢١٩» هـ.
(٣) عبد الرحمن بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الكوفي المسعودي. قال العصام صدوق اختلط قبل موته. توفي سنة «١٦٠» هـ.
(٤) عثمان بن مسلم بن هرمز، وفي نسخة منصرف، وهو نسائي، فيه لين.
(٥) نافع بن جبير بن مطعم، تابعي جليل سمع عليا وعدة من الأصحاب. توفي سنة «٩٩» هـ. وأبوه من كبار الصحابة.
(٦) بفتح الشين وسكون الثاء أي غليظ الأصابع والراحة. من غير خشونة وهي صفة مستحبة في الرجال، مكروهة في النساء.
(٧) وهي رؤوس العظام، واحدتها كردس.
(٨) المسربة: بفتح الميم وسكون السين الشعر الدقيق الذي يبدأ من الصدر وينتهي بالسرة.
(٩) وفي نسخ «كأنه» .
(١٠) الصبب ما انحدر من الأرض.
(١١) وأخرجه الترمذي في سننه في المناقب برقم ٣٦٤١ وأنه تفرد به بين أصحاب الكتب الستة.
(١٢) أحمد بن عبدة الضبي البصري: ثقة حجة رمى بالنصب (أي بكونه من الخوارج)، وهو عربي من بني ضبة. توفي سنة «٢٤٥» هـ.
(١٣) الحافظ علي بن حجر السعدي: مأمون ثقة، سمع كثيرا من أئمة الحديث. توفي سنة «٢٤٤» هـ.
1 / 19
محمد بن الحسين «١» وهو ابن أبي حليمة والمعنى واحد. قالوا. حدثنا عيسى بن يونس «٢» عن عمر بن عبد الله مولى غفرة «٣» قال حدثني ابراهيم بن محمد «٤» من ولد علي بن أبي طالب ﵁ قال كان علي إذا وصف رسول الله ﷺ قال:
«لم يكن رسول الله ﷺ بالطويل الممغط «٥»، ولا بالقصير المتردد، وكان ربعة من القوم، لم يكن بالجعد القطط ولا بالسبط، كان جعدا رجلا، ولم يكن بالمطهّم ولا بالمكلثم، وكان في وجهه تدوير، أبيض، مشرب، أدعج العينين، أهدب الأشفار، جليل المشاش والكتد، أجرد ذو مسربة، شثن الكفين والقدمين إذا مشى تقلع كأنما ينحط في صبب، وإذا التفت التفت معا، بين كتفيه خاتم النبوة، وهو خاتم النبيين، أجود الناس صدرا، وأصدق الناس لهجة، وألينهم عريكة، وأكرمهم (عشرة) «٦»، من رآه بديهة هابه، ومن
_________
(١) أبو جعفر محمد بن الحسين بن أبي حليمة البصري: مقبول لكن لم يخرج له إلا المصنف؛ ولعدم اشتهاره بينه بقوله: (هو ابن أبي حليمة)، وفي نسخ بالواو والضمير «هو» لمحمد؛ إذ لو كان للحسين لقال: الحسين بن أبي حليمة.
(٢) عيسى بن يونس: ثقة مأمون رأى جده أبا إسحاق السبيعي وسمع منه، وروى عن مالك بن أنس والأوزاعي وغيرهما. وروى عنه أبوه يونس وإسحاق وابن راهويه، سكن الشام، وكان علما في العلم والعمل، كان يغزو سنة ويحج سنة. توفي سنة «٢٦٤» هـ.
(٣) عمر بن عبد الله مولى غفرة: مدني مسن وثقه ابن مسعود، وضعفه ابن معين. قال أحمد كثير الارسال. توفي سنة «١٤٥» هـ. وغفرة: بضم الغين: هي بنت رباح أخت بلال المؤذن.
(٤) إبراهيم بن محمد: بن الحنفية صدوق من الطبقة الخامسة. وقول المصنف: «من ولد علي بن أبي طالب» صفة له. و«الولد» بفتحتين: اسم جنس، أو بضم فسكون: اسم جمع. والأول هو الرواية.
(٥) الممغط: بضم الميم الأولى وتشديد الثانية بعدها غين مكسورة وهو اسم فاعل من الانمغاط ورواه بعض المحدثين بضم الميم الأولى وفتح الميم الثانية وفتح الغين المشددة، وهو اسم مفعول من التغميط. وأكثر المحققين على الأول.
(٦) في نسخة عشيرة.
1 / 20
خالطه معرفة أحبه، يقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله ﷺ» «١» .
قال أبو عيسى «٢» سمعت (أبا جعفر محمد بن الحسين يقول: سمعت الأصمعي يقول: في تفسير صفة النبي ﷺ: الممغط الذاهب طولا. وقال سمعت أعرابيا يقول في كلامه: تمغط في نشابته أي مدها مدا شديدا. والمتردد:
الداخل بعضه في بعض قصرا، وأما القطط: فالشديد الجعودة، والرجل الذي في شعره حجونة؛ أي تثن قليل، وأما المطهم: فالبادن الكثير اللحم، والمكلثم:
المدور الوجه، والمشرب: الذي في بياضه حمرة، والأدعج: الشديد سواد العين.
والأهدب: الطويل الأشفار.
٧- حدثنا سفيان بن وكيع قال حدثنا جميع بن عمير «٣» بن عبد الرحمن العجلي/ إملاء علينا من كتابه/ قال أخبرني رجل من بني تميم من ولد أبي هالة زوج خديجة، يكنى أبا عبد الله «٤» عن ابن لأبي هالة «٥» عن الحسن بن علي رضي
_________
(١) رواه الترمذي في سننه في المناقب برقم ٣٦٤٢.
(٢) كذا في الأصول المصححة، ولم يوجد في بعض النسخ لفظ (أبو عيسى) . وقال بعضهم: يريد نفسه إذ هذه كنيته. والأرجح أنه إدراج من بعض الرواة الذين نقلوا الكتاب عنه. والكتد: مجتمع الكتفين وهو الكاهل. والمسربة: هو الشعر الدقيق الذي كأنه قضيب من الصدر الى السرة. والشثن: الغليظ الأصابع من الكفين والقدمين والتقلع: أن يمشي بقوة. والصبب: الحدور، يقال انحدرنا في صبوب وصبب، وقوله جليل. المشاش: يريد رؤوس المناكب. والعشرة: الصحبة. والعشير: الصاحب. والبديهة: المفاجأة، يقال بدهته بأمر: أي فجأته.
(٣) جميع بن عمر: كذا في نسخ الشمائل، وهو ما أورده المزني في التهذيب، وتبعه الذهبي في الميزان، وفي بعض الروايات (عمير) مصغرا، واختاره الحافظ ابن حجر في التقريب. والعجلي: بكسر العين وسكون الجيم: نسبة الى قبيلة عجل. وجميع هذا وثقه ابن حبان، وضعفه غيره، قال ابن حجر العسقلاني: جميع ضعيف رافضي.
(٤) أبو عبد الله قيل اسمه يزيد بن عمرو أو عمر أو عمير. مجهول من الطبقة السادسة لم يخرج حديثه أحد من الأئمة أصحاب الصحاح إلا المصنف.
(٥) واختلف في اسم أبي هالة فقيل اسمه النباش وقيل مالك وقيل زرارة وقيل هند وأبو هالة تزوج خديجة في الجاهلية فولدت له ذكرين، هندا وهالة. وتزوجها أيضا عتيق بن خالد المخزومي، فولدت له عبد الله، وبنتا. ثم تزوجها رسول الله ﷺ وجميع أولاده ﷺ منها إلا ابراهيم فمن مارية القبطية.
1 / 21
الله عنهما قال: سألت خالي هند بن أبي هالة «١»، وكان وصافا عن حلية النبي ﷺ، وأنا أشتهي أن يصف لي منها شيئا أتعلق به فقال:
«كان رسول الله ﷺ فخما مفخّما، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، أطول من المربوع، وأقصر من المشذّب «٢»، عظيم الهامة، رجل الشعر، ان انفرقت عقيقته «٣» فرقها، والا فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه، إذا هو وفّره، أزهر اللون، واسع الجبين، أزج «٤» الحواجب سوابغ في غير قرن «٥» بينهما عرق يدره الغضب «٦»؛ أقنى العرنين «٧»، له نور يعلوه يحسبه من لم يتأمله أشم، كث اللحية، سهل الخدين، ضليع الفم «٨» مفلج الأسنان «٩» دقيق المسربة كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة «١٠»، معتدل الخلق، بادن متماسك «١١»، سواء البطن والصدر، عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس، أنور المتجرد، موصول ما بين اللّبة «١٢» والسرة بشعر
_________
(١) وانما كان هند هذا خالا للحسن لأنه أخو أمه من أمها، فانه ابن خديجة التي هي أم فاطمة التي هي أمه. قتل هند هذا مع علي يوم الجمل.
(٢) المشذب: الطويل البائن الطول مع نقص في لحمه، وأصله من النخلة التي شذب عنها جريدها.
(٣) والمراد بالعقيقة: شعر رأسه الذي على الناصية، أي جعلها فرقتين.
(٤) أزج: أي مقوس الحاجين.
(٥) سوابغ: أي كاملان وهو منصوب على المدح ويصح رفعه على أنه خبر لمبتدأ محذوف. والقرن (بالتحريك) اقتران الحاجبين بحيث يلتقي طرفاهما.
(٦) بينهما عرق يدره الغضب: أي يصيره الغضب ممتلئا دما.
(٧) أي طويل الأنف مع دقة أرنبته. والعرنين بكسر العين قيل ما صلب من الأنف وقيل الأنف كله.
(٨) الضليع: الواسع والعرب تمدح ذلك لأن سعته دليل على الفصاحة.
(٩) الفلج انفراج ما بين الأسنان.
(١٠) الجيد: العنق، والدمية: الصورة المتخذة من عاج أو غيره والمراد هو في اعتدال وحسن هيئة وكمال واشراق.
(١١) البادن: السمين المعتدل السمن بدليل لم يكن بالمطهم.
(١٢) أي نير العضو المتجرد عن الشعر أو عن الثوب. واللبة: بفتح اللام موضع الثغرة فوق الصدر.
1 / 22
يجري كالخط، عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك، أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر، طويل الزندين رحب الراحة شثن الكفين والقدمين، سائل الأطراف، أو قال شائل الأطراف «١» خمصان الأخمصين «٢» مسيح القدمين «٣» ينبو عنهما الماء، إذا زال زال قلعا، يخطو تكفيا «٤» ويمشي هونا؛ ذريع المشية إذا مشى كأنما ينحط من صبب «٥»؛ وإذا التفت التفت جميعا؛ خافض الطرف؛ نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء؛ جل نظره الملاحظة. يسوق أصحابه «٦»؛ ويبدر «٧» من لقي بالسلام «٨» .
٨- حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى «٩» . حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن سماك بن حرب «١٠» قال: سمعت جابر بن سمرة «١١» يقول:
«كان رسول الله ﷺ ضليع الفم؛ أشكل العين، منهوس العقب، قال شعبة: قلت لسماك: ما ضليع الفم؟
قال: عظيم الفم. قلت:
_________
(١) شك من الراوي والسائل الطويل، والشائل مثلها.
(٢) أخمص القدم هو الموضع الذي لا يمس الأرض عند الوطء من وسط القدم. وخمصان، كعثمان. والمراد أنه شديد تجافيهما عن الأرض.
(٣) أي أملسهما ومستويهما.
(٤) أي اذا مشى رفع رجليه بقوة وفي نسخة تكفؤا وهي تأكيد لما قبلها.
(٥) ذريع أي واسع والصبب الأرض المنحدرة.
(٦) أي يقدم أصحابه بين يديه ويمشي خلفهم.
(٧) وفي نسخة يبدأ.
(٨) تفرد به الترمذي في الشمائل والطبراني والبيهقي.
(٩) أبو موسى محمد بن المثنى العنزي البصري: المعروف بالزمن، ثقة ورع، روى عن ابن عيينه وغندر «محمد بن جعفر البصري» وخرج له الجماعة. توفي سنة «٢٥٢» هـ.
(١٠) سماك بن حرب: تابعي أدرك ثمانين من الصحابة. ثقة، ساء حفظه توفي سنة ١٢٣ هـ.
(١١) جابر بن سمرة العامري السوائي: وهما صحابيان، خرج لأبيه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي، وله الجماعة. توفيا في خلافة عبد الملك بن مروان.
1 / 23
ما أشكل العين؟ قال طويل شق العين، قلت: ما منهوس العقب؟ قال قليل لحم العقب» «١» .
٩- حدثنا هناد بن السري «٢» . حدثنا عبثر بن القاسم «٣» عن أشعث «٤» يعني ابن سوار عن أبي اسحاق عن جابر بن سمرة قال:
«رأيت رسول الله ﷺ في ليلة إضحيان «٥»، وعليه حلّة حمراء، فجعلت أنظر إليه وإلى القمر، فلهو عندي أحسن من القمر» «٦» .
١٠- حدثنا سفيان بن وكيع. حدثننا حميد بن عبد الحميد الرؤاسي «٧» عن زهير «٨» عن أبي إسحاق قال: سأل رجل البراء بن عازب:
«أكان وجه رسول الله ﷺ مثل السيف؟ قال لا، بل مثل القمر» «٩» .
١١- حدثنا أبو داود المصاحفي/ سليمان بن سلم/ «١٠» حدثنا النضر بن
_________
(١) الحديث أخرجه مسلم في الفضائل برقم ٢٣٣٩ وأخرجه الترمذي في سننه في المناقب برقم ٣٦٤٩.
(٢) هناد بن السري: الكوفي التميمي الدارمي، الزاهد الحافظ، كان يقال له راهب الكوفة لزهده. خرج له مسلم والأربعة توفي سنة «٢٢٣» هـ.
(٣) عبثر بن القاسم الزبيري: نسبة الى الزبير بالتصغير، كوفي، ثقة، خرج له الجماعة.
(٤) أشعث بن سوار الكندي: بتشديد الواو، روى له مسلم والنسائي والمصنف وابن ماجه. توفي سنة «١٣٠» هـ.
(٥) أي مقمرة.
(٦) أخرجه الترمذي في كتاب أدب الحديث رقم ٢٨١٢.
(٧) حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي: نسبة الى رواس، كوفي روى عن ابن إسحاق وعطية وروى عنه سفيان وابن المبارك وغيرهما. توفي سنة «١٩٠» هـ.
(٨) زهير بن معاوية بن خديج: أبو خيثمة الجعفي، ثقة حافظ، خرج له الجماعة. توفي سنة «١٧٣» هـ.
(٩) أخرجه البخاري في صفة النبي ﷺ والترمذي في المناقب برقم ٣٦٤٠.
(١٠) أبو داود المصاحفي سليمان بن سلم: البلخي، ثبت ثقة، روى عن أبي مطيع، وروى عنه أبو داود. توفي سنة «٢٣٨» هـ.
1 / 24
شميل «١» عن صالح بن أبي الأخضر «٢» عن ابن شهاب «٣» عن أبي سلمة «٤» عن أبي هريرة «٥» ﵁ قال:
«كان رسول الله ﷺ أبيض كأنّما صيغ من فضة، رجل الشعر» «٦» .
١٢- حدثنا قتيبة بن سعيد «٧» قال أخبرني الليث بن سعد «٨» عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أن رسول الله ﷺ قال:
«عرض عليّ الأنبياء، فإذا موسى ﵇ ضرب من الرجال كأنّه من رجال شنوءة «٩»، ورأيت عيسى بن مريم ﵇ فإذا أقرب من رأيت به شبها عروة بن مسعود «١٠»، ورأيت ابراهيم ﵇ فإذا أقرب من رأيت به
_________
(١) النضر بن شميل: أبو الحسن المازني النحوي البصري، ثقة إمام، خرج له الجماعة.
(٢) صالح بن أبي الأخضر: اليماني مولى بني أمية، كان خادما للزهري، وثقه البخاري، وضعفه المصنف والنسائي، قال الذهبي: صالح الحديث، خرج له الأربعة.
(٣) ابن شهاب: أبو بكر محمد بن أسلم الزهري المنسوب إلى زهرة بن كلاب، الفقيه الحافظ، تابعي صغير، متفق على جلالته واتقانه. توفي سنة «١٢٤» أو «١٢٥» هـ.
(٤) أبو سلمة: اسمه عبد الله أو إسماعيل بن عبد الرحمن بن عوف المدني، وهو قرشي زهري وفي موته أقوال قيل سنة «٩٤» هـ وقيل غير ذلك.
(٥) أبي هريرة: اسمه على الأصح عبد الرحمن الدوسي، حافظ الصحابة ومكثرهم. قال الشافعي: أحفظ من روى الحديث في دهره أبو هريرة. كان فقيها مفتيا ورعا، ولي أمر المدينة، توفي سنة «٥٧» هـ أو «٥٩» هـ ودفن في البقيع.
(٦) تفرد به الترمذي.
(٧) في بعض النسخ (ابن سعد) .
(٨) الليث بن سعد العرنمي عالم أهل مصر. قال الشافعي الليث أفقه من مالك، لكن ضيعه أصحابه وما فاتني أحد، فأسفت عليه مثله، توفي سنة «١٧٥» هـ.
(٩) بفتح الشين قبيلة من اليمن، ورجال هذه القبيلة متوسطون بين الخفة والسمن والشنوءة في الأصل التباعد.
(١٠) عروة بن مسعود الثقفي، وهو الذي أرسلته قريش للنبي ﷺ يوم الحديبية، وقد أسلم سنة تسع من الهجرة. وهو أحد الرجلين اللذين قالت قريش فيهما لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ٣١ الزخرف.
1 / 25
شبها دحية «١»» «٢» .
١٣- حدثنا سفيان بن وكيع ومحمد بن بشار/ المعنى واحد/ قالا أخبر يزيد بن هارون «٣» عن سعيد الجريري «٤» قال سمعت أبا الطفيل «٥» يقول:
«رأيت النّبي ﷺ وما بقي على وجه الأرض أحد رآه غيري. قلت: صفه لي. قال: كان أبيض؛ مليحا مقصّدا» «٦» .
١٤- حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن «٧» . حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزاميّ «٨»
_________
(١) دحية الكلبي الصحابي شهد مع رسول الله ﷺ المشاهد بعد بدر وبايع تحت الشجرة، وكان جبريل يأتي للنبي ﷺ غالبا على صورته نزل الشام وبقي فيها واستوطن المزة بجانبها حتى مات بزمن معاوية، وكان رسول النبي ﷺ الى هرقل فلقيه بحمص..
(٢) والحديث أخرجه مسلم في الايمان باب الاسراء حديث رقم ١٦٧ والترمذي في سننه في المناقب برقم ٣٦٥١.
(٣) يزيد بن هارون: السلمي مولاهم، كنيته أبو خالد، الحافظ المتقن، العابد، أحد الأعلام، قيل كان يحضر مجلسه ببغداد نحو سبعين ألفا، خرج له الجماعة، توفي سنة «٢٢٠» هـ وقيل سنة «٢٢٦» هـ.
(٤) سعيد الجريري: نسبة الى أحد أبائه واسمه (جرير)، ثقه ثبت، من الطبقة الخامسة، اختلط قبل موته، خرج له الجماعة توفي سنة «١٤٤» هـ.
(٥) أبا الطفيل: عامر بن واثلة الليثي الكناني، ولد عام الهجرة، أو عام أحد. صحابي، من محبي علي وشيعته. وهو آخر من مات من الصحابة. توفي سنة «١١٠» هـ على الصحيح.
(٦) والحديث أخرجه أيضا مسلم في الفضائل حديث رقم ٢٣٤٠. والمقصد: هو الذي ليس بجسيم ولا نحيف ولا طويل ولا قصير. وملح الشيء، من باب ظرف أي حسن فهو مليح.
(٧) عبد الله بن عبد الرحمن: بن الفضل الدارمي السمرقندي، الحافظ الكبير وعالم سمرقند، روى عن إبراهيم بن المنذر والنضر بن شميل ويزيد بن هارون والحجاج بن منهال وخلف، وروى عنه مسلم والنسائي والمصنف والبخاري في غير الصحيح. قال أبو حاتم: إمام أهل زمانه. ثقة ثبت توفي سنة «٢٥٥» هـ.
(٨) ابراهيم بن المنذر الحزاميّ: أحد علماء المدينة، من كبار العلماء، صدوق، تكلّم فيه أحمد لأجل القرآن توفي سنة ٢٣٦ هـ والحزاميّ: نسبة الى أحد أجداده، فإنه ابراهيم بن المنذر بن عبد الله بن المنذر بن المغيرة بن عبد الله بن خالد بن حزام القرشي.
1 / 26