Shama'il al-Rasul
شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
Maison d'édition
دار القمة
Numéro d'édition
-
Lieu d'édition
الإسكندرية
Genres
في جميع أقواله وأفعاله وأحواله، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله ﷺ أنه قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو ردّ» «١» ولهذا قال: «قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ» «٢» . وفي الآية أن الشرط الوحيد لإثبات حب العبد لله، وما يترتب عليه من حب الله، هو الاتباع، فإن قال قائل: كيف يكون هو الشرط الوحيد، فالجواب من جهتين:
الجهة الأولى:
أن النص الذي معنا هو النص الوحيد، الذي اشترط المتابعة لنيل حب الله ﷿، ولو كان هناك شرط آخر، أو سبيل آخر للفوز بحب الله لبينه- ﷾.
الجهة الثانية:
أن كل عمل يحب الله عامله، مثل إقامة الصلاة وبقية فروع الشريعة، لن يتقبله الله ﷿ إلا بمتابعة النبي ﷺ بل المتابعة شرط لصحة هذا العمل، الذي يرتضيه الله ﷿، ويرتب عليه الجزاء، ومن ذلك يتأكد لنا أن المتابعة هي الشرط الوحيد، لحب الله ﷿، فلا غرابة في ذلك، وكفى ذلك تشريفا لسنته ﷺ وتعظيما لأمر متابعته، وقد فهم الصحابة رضى الله عنهم ذلك، فلم يألوا جهدا في متابعته ﷺ في كل ما أمر ونهى، بل تجاوزت المتابعة الأمر والنهي، فشملت عاداته التي قد لا تتصل بالشرع، كما ذكرت ذلك في مواضع كثيرة.
الفائدة الثالثة:
يؤخذ من الآية الكريمة، أنه كلما كان الإنسان صادقا في حب الله ﷿، كانت المتابعة عليه أسهل وأخف والعكس بالعكس.
الفائدة الرابعة:
إذا كان شرفا لك أن تحب الله ﷿، فإن الله يكافئك على هذا الحب (إذا اتبعت) بما هو أعظم من حبك، ألا وهو أن يحبك الله، وشتان بين الأمرين، وكما قالوا: ليس الشأن أن تحب ولكن الشأن أن تحب، وهل في الوجود أعظم من أن يحبك الله ﷿، وهل يعذب الله أحدا يحبه، فتأمل ما يترتب على هذه المتابعة. على وما يترتب على المخالفة الظاهرة والباطنة.
الفائدة الخامسة:
كما أن الناس يختلفون في متابعة النبي ﷺ فكذلك يختلف حب الله لهم، فكلما قوي الاتباع قوى الحب، وكلما ضعف الاتباع ضعف الحب؛ لأن القاعدة:
(أنه إذا ارتبط الحكم بوصف معين، قوى الحكم كلما قوى الوصف)، وهذا كثير في القرآن
_________
(١) انظر تفسير القرآن العظيم، (١/ ٣٥٩)، والحديث رواه مسلم، كتاب: الأقضية، باب: نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (١٧١٨)، من حديث عائشة ﵂.
(٢) انظر تفسير القرآن العظيم، (١/ ٣٥٩)، والحديث رواه مسلم، كتاب: الأقضية، باب: نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (١٧١٨)، من حديث عائشة ﵂.
1 / 30