فتبعتها وهي تفكر في غرضها من هذا النهوض، فإذا هي قد مشت في ممر إلى غرفتها الخاصة، وهي
غرفة أعدوها لها بأثمن الرياش، فدخلت واستلقت على سريرها بلا كلفة وهي تقول: «آه يا شوكار،
لقد تعبت من التفكير، وشعرت بثقل العمل الذي أخذته على عاتقي، أطربيني بصوتك الرخيم لعلي
أروح عن النفس قليلا.»
فسرها هذا الاقتراح، وأمرت بعض الغلمان بإحضار العود، فتناولته وأخذت تضرب عليه بإتقان،
وتغني أغاني تعلم أن شجرة الدر تطرب لها، فآنست منها استحسانا كثيرا وهي تضحك لها وتعجب
بها، وشوكار تائهة الفكر في ركن الدين، وتود لو يكون حاضرا لتراه لعلها تتحقق منه شيئا؛ لأنها لم تملك فرصة تسمع منه فيها قوله إنه يحبها، وأحست هي أنها أحبته وخافت ألا يكون قد
بادلها حبا بحب، وبان انقباض قلبها في وجهها، وظهر أثر ذلك في ضربها وغنائها، فقالت لها
شجرة الدر: «ما بالك يا شوكار؟» فانتهبت لنفسها وقالت: «لا شيء يا سيدتي.» ثم ابتسمت لتخفي ما
بها وقالت: «شكرا يا مولاتي، إني محاطة بكل أسباب السعادة والحمد لله.» وسكتت وفي سكوتها
Page inconnue