واللهو بصوتها. واتشحت شجرة الدر بثوب بسيط، والتفت بمطرف من الخز، وجلست على الشرفة وأطلت
على مجرى النيل، وقد سكنت الطبيعة وهدأ النسيم إلا ما يعبث منه بشعرها المرسل على ظهرها وقد
ضمته وأرسلته بلا اعتناء. ولم تحسن ارتداء مطرفها، حتى ليخيل إلى الناظر إليها أنها في شاغل
مهم، ناهيك بما في عينيها من دلائل القلق حتى يكاد الشرر يتطاير منهما لفرط ما جاش في
خاطرها من البلبلة. وهي امرأة ليست كسائر النساء؛ فلها قلب الرجل ومطامع كبار الرجال، إذا
عزمت على أمر فلا تبالي ما يقف في سبيلها من العقبات؛ لأنها تذللها بأية وسيلة كانت، كما
يفعل عظماء الرجال وأرباب المطامع.
وكانت شوكار جاريتها الخاصة فتاة تركية مثلها، ما زالت في مقتبل العمر، فأحبتها واتخذتها
مستودع أخبارها وأسرارها، وإن كانت لفرط دهائها لا تفتح قلبها لأحد أو تأمنه على أسرارها
المهمة؛ ولذلك كان كبار المماليك يهابونها ويحسبون لها حسابا، وقد استولت على قلوبهم
Page inconnue