وصححت البنت الصغيرة عبارتها قائلة: أنت تقصدين أنك ستجيئين بالحبل؟ - لا، سآجأ حبلي، أنت لا تجيئين بالأشياء، وإنما تأجئينها.
وسألت البنت الصغيرة التي لم تكن جاوزت الخامسة من عمرها: ماذا تعنين بكلمة آجأ؟ - آجأ كما آجأت حواء قابيل. - أنت حمقاء، فإن السيدات لا يجئن بقبيل، وإنما الرجال يجيئون بقبيل، عندما يريدون أن يضمنهم أحد. - لقد آجأت حواء، أجل لقد آجأت هابيل أيضا. - تجيء أو لم تجيء، أتعرفين؟ - ماذا؟ - إنك ترطنين فحسب!
وصاحت فرانسي: أنا لا أرطن ... وإنما أتكلم كأهل البيان! - سوف لا يفهمك أحد أبدا. - سيفهمونني.
ولمست البنت الصغيرة جبينها، وقالت: ألا يوجد من تعاشرينه في بيتك؟ - نعم يوجد. - لماذا تتكلمين إذن على هذا النحو؟ - إن أمي تقرأ لي هذه الأشياء.
وصححت البنت الصغيرة: ألا يوجد أحد في بيت أمك؟ - إن أمي على أي حال ليست امرأة قذرة مثل أمك.
كان ذلك هو الرد الوحيد الذي تستطيع فرانسي أن تفكر فيه.
وكانت البنت الصغيرة قد سمعت ذلك كثيرا، ولها من الفطنة والذكاء ما جعلها لا تناقش ذلك الأمر، وقالت: حسنا، إنني أفضل أن تكون لي أم قذرة، على أن تكون لي أم مجنونة، وأوثر أن أكون بلا أب، من أن يكون لي أب سكير!
وصرخت فرانسي وقد جاشت عواطفها: قذرة! قذرة! قذرة!
وترنمت البنت الصغيرة مرددة: مجنونة، مجنونة، مجنونة!
وجرت البنت الصغيرة بعيدا تتراقص خصلات شعرها السميكة في ضوء الشمس، وتغني بصوت واضح عال:
Page inconnue