وزاد الأوبرالي على ذلك أن قال: أنا المستقبل، وزميلي الفاضل يمثل الماضي.
فغضب المغني البلدي وقال: أنا مغن، أما هذا الرجل فهو مجنون يصرخ بلا سبب.
وتبادلا صفعتين، وتوثبا لعراك أشد. فصاح رجل الفراش: اذهبا .. اتركاني في سلام.
فقال ذو البدلة السوداء باستياء: تأدب في مخاطبة المغنيين الرسميين!
وأشار إلى الرجل فأمسكا عن الخصام وذهبا معا إلى الناحية الأخرى. •••
وتحركت الستارة فخرج من ورائها طالب ثم شرطي، وقفا في وسط الحجرة وهما يتبادلان نظرة متوجسة، وسأله الشرطي: لم تتسكع في الطرقات؟
فتساءل الطالب بتحد: لم تتبعني كظلي؟ - أنا ظل الأشياء المعوجة! - ألا تشم في الجو رائحة غبار خانق؟
فتشمم الشرطي الجو وقال: في الجو غبار خانق! - إني أبحث عن هواء نقي. - ولكنك بتسكعك تثير مزيدا من الغبار الخانق.
فضحك الطالب ضحكة جافة وقال: الليل ينشر جناحيه بينا الشمس ما زالت في كبد السماء، فما تفسيرك لذلك؟ - لعل الليل أسرع أو أن الشمس تباطأت. - فما علاقة ذلك بتحديد مرات السقوط؟ - مثل علاقته بإهدار المال بلا حكمة. - واضح أنك تهذي. - وأوضح منه أنك قليل الأدب.
وقذف الطالب الشرطي بطوبة فلم تصبه؛ ولكن أصابت رجل الفراش فتأوه دون أن يرفع رأسه عن الجريدة. تراجع الشرطي خطوات، لوح بهراوته استجماعا لقوته، ولكنها في حركاتها العشوائية أصابت رجل الفراش في قدمه ومنكبه فتأوه مرة أخرى. تبادلا الضرب حتى نزفت دماؤهما، فتباعدا وهما يترنحان من الإعياء والإنهاك. وهتف رجل الفراش: وما ذنبي أنا؟
Page inconnue