وأما المهملة فمعناها الصَّبُّ والإراقة، فكأنه أشبه بالمعنى من المعجمة، لأن باقي الروايات قد جاء (١): "فصب عليه وأهراق عليه".
والذي ذهب إليه الشافعي: أن البول إذا أصاب الأرض فإنها تطهر بأن يُصَبَّ عليها ماء يغمرها، فَيُسْتَهْلَكُ به البولُ فتذهب رائحته ولونه.
وقال أبو حنيفة: إن كانت الأرض رَخْوةً ينزل فيها الماء فالصَّبُّ يُجْزِئُ، وإن كانت صُلْبَةً لم يجز فيها إلا الحفر ونقل التراب.
وليس للدّلو التي تُصَبُّ على البَوْلِ مقدارٌ محدود، وإنما هو وما يغمره ويستهلكه -كما قلناه.
على أن الشافعي قد قال في بعض كلامه: ويطرح على البول سبعة أضعافه من الماء، قالوا: لم يقل ذلك تقديرًا وإنما قاله تجربة.
وأخبرنا الشافعي، أخبرنا ابن عيينة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: "دخل أعرابي المسجد وقال: اللهم ارحمني ومحمدًا ولا ترحم معنا أحدًا، فقال رسول اللَّه ﷺ: "لقد تحجّرتَ واسِعًا" فما لبث أن بال في ناحية المسجد، فكأنهم عجلوا عليه، فنهاهم النبي ﷺ، ثم أمر بذَنُوبٍ من ماء، أو سَجْلٍ من ماء فأهريق عليه، ثم قال النبي ﷺ: "عَلِّمُوا ويَسِّرُوا ولا تُعَسِّرُوا".
وفي نسخة "أو سجل ماء".
هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري (٢)، وأبو داود (٣)، والترمذي (٤)، والنسائي (٥).