Poète Andalou et un Prix Mondial
شاعر أندلسي وجائزة عالمية
Genres
ونظرت مواسيا له، مترفقا به فوق رفق طبيبه داربون ولا مراء، فلمحت في باطن الحافر الجريح حسكة خضراء من حسك البرتقال، كأنها خنجر زمردي دقيق، سحبتها مشفقا من إيلامه، وقدت المسكين إلى بركة السوسن؛ عسى أن تلمسه من مائها الجاري ببسلم يبرد جرحه الصغير، ثم أقبلت إلى ناحية البحر، أقوده ويتبعني متعثرا، فيصدمني خفيفا كلما تعثرت به خطاه.
عصافير الجنة
تلك هي - هناك - يا بلاتيرو، سوداء طروبا في عشها الرمادي على الإفريز الذي استوى عليه تمثال العذراء، عذراء مونتماير، وقليلا ما اقتربت منه يد مخلوق.
إن الطائر المسكين لحائر، وأحسبه هذه المرة قد وقع في غلطة، كما غلطت الفراريج قبل أسبوع وهي تأوي إلى مبيتها عند كسوف الشمس تحسبه الغروب. وقد شاء دلال الربيع أن يفد إلينا مبكرا هذا العام، ولكنه على رغم منه يرتعد في عريه الرقيق ويقفل به راجعا إلى مهاد شهر مارس الغائم، وإن القلب ليحزن إذ يرى أزاهير البرتقال تموت في الأكمام.
عادت عصافير الجنة - يا بلاتيرو - وهي على هذا قلما يسمع لها صوت كذلك الصوت المترنم الذي نسمعه منها كل عام؛ إذ تروح وتغدو بالتحية والسلام لكل ما ألفته من معاهد الديار، وكأنها تتأمله وتعيد النظر إليه تستوثق من بقائه كما كان، وتظل توسوس للأزهار بكل ما شهدته في أفريقيا، فتروي لها كيف كانت تنام على الماء بجناح، وتبسط الجناح الآخر كالشراع، وكيف كانت تستريح على سواري السفين، وتقص عليها العجائب عن مغارب أخرى ومشارق شتى وليال كثيرة في آفاق بعيدة بين رحلة في الذهاب ورحلة في المآب!
إن عصافير الجنة لا تدري ما تصنع تطير هنا وهناك حائرة، صامتة، كما تحار النمال إذا وطئت صفوفها قدم طفل لعوب، ولا تجسر على الصعود والهبوط من جانب الشارع الجديد، ماضية على سواء إلى موطن الزحام، وكأنها تهاب الطواف بأعشاشها عند العيون، وتجفل من الهبوط على سمط منسوق فوق أسلاك البرق حيث تطن الرياح، وأحسبها ستهلك بردا يا بلاتيرو!
الإسطبل
أذهب إلى بلاتيرو عند الظهيرة، فأرى على ظهره الفضي شامة مذهبة من أشعة الشمس في سمت السماء، وعلى الأرض السوداء تحته إلى اخضرار، يدر السقف العتيق نقودا مجلوة من النار.
هناك تلعب (ديانا) بين أقدام بلاتيرو فتقبل إلي راقصة، وترفع يديها إلى صدري تحاول أن تلحس فمي بلسانها الأحمر، وتنظر إلي العنزة من مجثمها في أعلى المذود مستطلعة متفرسة، تميل برأسها يمنة ويسرة بدلال كدلال النساء! أما بلاتيرو فقد سبقني قبل دخولي، فأطلق نهيقه بتحية القدوم، واجتذب حبله يحاول الفكاك منه، واستحال بجملة كيانه ألوانا من الألاعيب.
وينفذ الشعاع من الثقوب بألوانه القزحية، فأرفع البصر صعدا على ذلك الدرج النوراني إلى قبة السماء بعيدا من هؤلاء الأصدقاء، ثم أعود إلى الأرض بعد هنيهة، فأعلو الصخرة لأنظر من فوقها إلى المروج. إنها تعوم في فيضان مشرق من وهج الظهيرة، ومن بعيد في أوج الصفاء المحفوف بإطار من الجدران يسمع رنين ناقوس.
Page inconnue