Poète Andalou et un Prix Mondial
شاعر أندلسي وجائزة عالمية
Genres
أجل، يقتلون يهوذا، ويقضون عليه واحدا في كل شارع: واحدا في شارع أنميديو، وآخر في شارع منتوريو، وواحدا في كونسيجو. رأيتهم أمس معلقين، كأنما تشدهم قوة من عالم الغيب، فلا تلمح العين موضع الحبل المفتول الذي يتدلى بهم من الشرفات.
أي مزدحم هذا من القلانس والأكمام والشارات والمآزر تحت بريق النجوم.
تنبحهم الكلاب وهي تحلم أن تبرح مكانها ولا تكاد، وترتاب الخيل بهم فتأبى أن تعبر الطريق تحتهم، وها هي ذي النواقيس - يا بلاتيرو - تعلن أن حجاب المحراب ينجاب، ولا أحسب أن بندقية واحدة في القرية فاتها أن تنطلق على يهوذا؛ فإن رائحة البارود تسري حتى على ذلك البعد السحيق، وهذه طلقة، وهذه ثانية، وهذه أخرى وأخرى!
اليوم. اليوم فقط - يا بلاتيرو - يتلبس يهوذا بالنائب، بالمعلم، بالجابي، بالعمدة، بالداية، ويطلق كل إنسان قذيفته قبل مشرق العيد على من تخيل من الأعداء، كأنهم يصطنعون التمثيل والإخفاء.
بواكير التين
كان مطلع الصبح فجا مشتملا بالضباب، أصلح ما يكون لبواكير التين، وخرجنا إلى (ريكا) من ثم عند السادسة نجتنيه.
وهذه عروق الشجر المعمر تدور جذوعه كأنها عضل مفتول في الظل البرود، يجللها كالرداء المسدل حيث يهجع الليل لا يزال، وحيث يندى الورق العريض بالظل المنحدر عليه: ورق كالذي كان يكتسي به آدم وحواء، وعليه لآلئ تبيض بها خضرته اليانعة، ننظر من خلاله، فنرى ضياء الفجر يصبغ ستار الشرق بصبغته الحمراء.
واهتاجنا المرح فانطلقنا نستبق لنرى أينا يدرك الشجرة ويجتني الثمرة، وأخذت روسيلية معي أول ورقة، ثم جذبت يدي في ضحكة محتبسة، فوضعتها على قلبها الذي يعلو عليه نهدها الصغير ويهبط، وهي تقول: هنا. هنا. ضع يدك! ولم تكد أويلا تجري لأنها سمينة قصيرة، فجعلت تسخط من بعيد، وجنيت ثنيات من هنا وهناك وضعتها لبلاتيرو على دالية كرم عتيق، لعله يغالب الملل، فلا يضجر!
وسخطت أويلا من ثقلتها، فأثارت معركة التين وعلى شفتيها ابتسامة وفي عينيها دموع، ورمتني بتينة فانفجرت على جبهتي، ثم اقتحمنا المعركة أنا وروسيلية، فالتهمنا من التين بعيوننا وأنوفنا وأكمامنا أضعاف ما التهمناه بأفواهنا، وتساقطت الضحكات مع فروع التين على ورق الكرم النضر، فأصابت بلاتيرو تينة، فأصبح هدفا ينهال عليه الضحك والمزاح، ولم يكن في وسعه أن يدفع عن نفسه أو يرد الهجوم بمثله، فانضويت إلى جانب وتوليت القتال باسمه، وترامى في الجو طوفان من الثمر كأنه ينهمر من مدفع رشاش، وارتفعت من جانب الأرض ضحكة مزدوجة رخية، تعلن من فم الأنوثة نداء التسليم.
صلاة العذراء
Page inconnue