Poète Andalou et un Prix Mondial
شاعر أندلسي وجائزة عالمية
Genres
بعد إعلان الجائزة لأول مرة غضب أدباء السويد ومؤلفوها لتخطي اللجنة اسم تولستوي، فاجتمع اثنان وأربعون منهم وكتبوا تحيتهم إلى الكاتب الكبير احتجاجا على عمل اللجنة، واعتذارا عن الأمة السويدية، وأيدهم المثقفون من السويديين في هذه التحية وهذا الاعتذار.
أما اللجنة فقد تبين من أقوال المطلعين على أعمالها أنها استجابت في الترشيح الأول لتزكية متعددة من جانب أعضاء الأكاديمية الفرنسية، وهي الهيئة التي تعتبر الأكاديمية السويدية وليدة لها وتقتدي بها في أعمالها، فلم يسعها - كما قالت - أن تعرض عن هذه التزكية، وتتخطى برودوم إلى كاتب آخر لم يرشحه أحد من المسئولين، ولم يكن في برنامج اللجنة يومئذ أن تستقل بالترشيح والتفضيل، كما تقرر بعد سنوات من التجربة تكررت فيها مخالفة اللجنة لآراء الهيئات الرسمية التي قصر عليها حق الترشيح.
واتجهت النية عند فريق من أعضاء اللجنة إلى استدراك هذا الإهمال في السنة التالية ، ورأى فريق آخر من أعضائها أن شروط الجائزة توافق أعمال تولستوي الأدبية، ولكنها لا توافق آراءه الاجتماعية التي ينادى فيها بتقويض معالم الحضارة، وإنكار الحكومة بأنواعها، وإسقاط حق الحكومات في معاقبة الجناة، وحق الساسة والقادة في تعليم الناس على أسس الثقافة العصرية؛ لأنها - في رأيه - قشور لا تنتهي إلى لباب.
وتوسط بين الفريقين طائفة من ذوي الرأي بدا لهم أن التوفيق بين الجانبين يسير، إذا نصت اللجنة على بيان أسباب الجائزة، ولم تذكر فيها آراءه الاجتماعية.
على أن المشادة حول هذه المسألة قد بلغت غايتها في هذه الأثناء، وكان على رأس اللجنة السويدية رجل مشهور بقوة الشكيمة، واستقلال الرأي إلى حد الإصرار والعناد، وهو الأستاذ كارل ويرسن
Wirson
الذي كان استقلاله هذا سببا لاختياره في مقام الحكم المنزه عن مؤثرات الضغط والإكراه حيث تضطرب الأغراض، ويكثر الرجاء والإلحاح من مختلف الجهات، وكان ويرسن يرى أول الأمر أن التوفيق بين الجانبين مستطاع على الوجه الذي انتهوا إليه، وهو استثناء آراء تولستوي الاجتماعية عند التنويه بمزاياه التي استحق بها جائزة الفن والسلام، ولكنهم فوجئوا جميعا بحديث من أحاديث تولستوي أنحى فيه على الجوائز المالية، وأنكر فيه أن يكون المال مكافأة لفكرة المفكر وأدب الأديب، فكتب ويرسن تقريره الأخير إلى اللجنة يشرح فيه الموقف بتفصيلاته، ويقترح فيه العدول عن تسمية تولستوي لجائزة تلك السنة؛ لأنه يخشى أن يرفضها لاستنكاره مبدأ الجوائز المالية، وأن يرفض التقدير الأدبي إذا قيدته اللجنة بأسبابها وصرحت في بيانها باعتراضها على فلسفة الكاتب الاجتماعية وأقواله عن نظام المجتمع والحكومة في ظل الحضارة. •••
وكان اسم هنريك إبسن أقرب الأسماء إلى الترشيح في اللجنة السويدية؛ لأنه من أبناء الشمال، ولم يكن أقل في الشهرة العالمية من تولستوي بين رواد المسرح وطلاب المباحث الاجتماعية، ولكن انتسابه إلى أمم الشمال أخره ولم يقدمه في تقدير اللجنة عند افتتاح عملها «العالمي الإنساني»، الذي يشترط فيه التسوية بين الأمم، واتقاء شبهات العصبية الجنسية، فأشفقت أن تفتتح عملها بما يلقي عليها شبهة التعصب لأبناء عنصرها، فلما زال الحرج من توجيه الجائزة إلى أحد من أدباء الأمم السكندنافية، بعد إجازة أديب من فرنسا وأديب من ألمانيا، كانت مشكلة الدعوى إلى الانفصال بين النرويج والسويد على أشدها وأعنفها، ولاح لبعض أعضاء اللجنة أن تأخير منح الجائزة لواحد من الأدباء السكندنافيين الكبار قد يعزى إلى سوء النية، ويحمل على محمل اللدد في الخصومة السياسية، على حين أن اختصاص أديب من أبناء النرويج بها يبرئ اللجنة من شبهة العصبية لوطنها، ويلطف كثيرا من توتر الخصومة بين القطرين الشقيقين، وكان في النرويج علمان من أعلام الأدب العالمي هما إبسن
Ibsen
وبجورنسون، أحدهما مشترك في الحركة السياسية، والآخر منعزل عنها أو قليل الاكتراث بها، أحدهما من أنصار النزعة المثالية، والآخر أقرب إلى الواقعية والترخص في القيم الأخلاقية، وأحدهما يتسنم أوج الشهرة، والآخر قد استنفد جذوته - كما قال فريق من أعضاء اللجنة - فرجحت كفة بجورنسون لأنه أوفى بالشروط المطلوبة، ولأنه إذا تخطضاه الاختيار لم يفهم من تخطيه إلا أنه عقوبة له على اشتراكه في الحركة الوطنية، ولجاجته في الخصومة التي تسعى اللجنة إلى تلطيفها وجبر كسورها، ثم مات إبسن بعد انفصال النرويج عن السويد، ولم يكن من الميسور منح الجائزة لأديب نرويجي سنتين متواليتين لو أريد ذلك، فأخطأته الجائزة وظهر في أمره كما ظهر في أمر تولستوي أن ظروف الحوادث عامل من العوامل التي تغلب المختار على اختياره في موازين الأدب العالمية، كلما اتصلت بالأمثلة العليا وأزمات السياسة. •••
Page inconnue