سبع مسائل في علم الخلاف
سبع مسائل في علم الخلاف
Maison d'édition
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Numéro d'édition
السنة السادسة-العدد الثاني-رجب ١٣٩٣هـ
Année de publication
أغسطس ١٩٧٣م
Genres
فالمجتهدون من التَّابِعين لَا بدّ أَن يعرفوا مَذَاهِب الصَّحَابَة وَلَا يتجاوزونها والمجتهدون من تَابِعِيّ التَّابِعين لَا بُد أَن يعرفوا مَذَاهِب الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَهَكَذَا دواليك حَتَّى إِذا وصلنا إِلَى مجتهدي زَمَاننَا قُلْنَا: لَا بُد أَن يعرفوا مَذَاهِب جَمِيع السّلف الَّذين يعْتد بمذاهبهم..
أَلا ترى أَبَا حنيفَة ﵀ يَقُول: "إِذا لم أجد فِي كتاب الله وَلَا فِي سنة رَسُول الله ﷺ أخذت بقول أَصْحَابه آخذ بقول من شِئْت وأدع قَول من شِئْت وَلَا أخرج من قَوْلهم"١.
وكل من خَالف السّلف فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ وَأَجْمعُوا عَلَيْهِ أَو جَاءَ بِمَا لم يذكروه أَو يشيروا إِلَيْهِ اعتبروه شاذًا لَا يُؤْخَذ قَوْله وَلَا يعْتد بِرَأْيهِ..
وَمَا من مَسْأَلَة إِلَّا وَفِي الشَّرِيعَة حكمهَا إِمَّا على وَجه الْعُمُوم أَو على وَجه التَّفْصِيل وَمَا علينا فِيمَا يجدُّ علينا من أُمُور إِلَّا أَن نقيس النَّظَائِر والأشباه ونَرُدَّ الْفُرُوع إِلَى الْأُصُول ونستعين بِاجْتِهَاد السّلف وآرائهم..
قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن: "الْعلم على أَرْبَعَة أوجه: مَا كَانَ من كتاب الله النَّاطِق وَمَا أشبهه، وَمَا كَانَ فِي سنة رَسُول الله ﷺ وَمَا أشبههَا، وَمَا كَانَ فِيمَا أجمع عَلَيْهِ الصَّحَابَة ﵏ وَمَا أشبهه، وَكَذَلِكَ مَا اخْتلفُوا فِيهِ لَا يخرج عَن جَمِيعه فَإِن أوقع الِاخْتِيَار فِيهِ على قَول فَهُوَ علم تقيس عَلَيْهِ مَا أشبه وَمَا استحسنه عَامَّة فُقَهَاء الْمُسلمين وَمَا أشبهه وَكَانَ نظيرًا لَهُ"٢.
قلت: وَالْعُلَمَاء الربانيون هم أهل الذّكر الَّذين ذكرهم الله ﷿ فِي كِتَابه فَقَالَ: ﴿فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ .
وهم أهل الاستنباط الَّذين ذكرهم فَقَالَ: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ النِّسَاء - ٨٣.
_________
١ الانتقاء لِابْنِ عبد الْبر: ١٤٢.
٢ إِعْلَام الموقعين ٢ - ٢٦.
1 / 81