Sessions of Ramadan by Al-Uthaymeen
جلسات رمضانية للعثيمين
Genres
السحور فضله وأحكامه
تقوم في آخر الليل تأكل وتشرب، وهذا الأكل والشرب كله خير، أمر به النبي ﷺ فقال: (تسحروا فإن في السحور بركة) وقال: (فصل ما بيننا وبين صيام أهل الكتاب أكلة السحور) اليهود والنصارى يصومون، لكن صيامهم هباء منثورًا بعد بعثة النبي ﷺ؛ لأنهم كفار لا ينفعهم إيمانهم، لو صاموا سنةً كاملة ليست بشيء، ولا تقبل منهم: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ [آل عمران:٨٥] متى يتسحر اليهود والنصارى؟ في نصف الليل؛ لأن نهارهم يبدأ من نصف الليل، لكن المسلمين هم الموافقون للواقع، متى يبدأ نهارهم؟ إذا بدأ النهار وبدأ الصبح، فأوفق من يكون للواقع هم المسلمون، يصومون في النهار ويفطرون في الليل، فهل هذا السحور فيه فائدة؟ نعد الفوائد: أولًا: امتثال أمر النبي ﷺ؛ لأنه قال: تسحروا.
ثانيًا: الاقتداء بالرسول ﷺ، لأنه كان يتسحر، ولم يكن بين سحوره وبين صلاته إلا مقدار خمسين آية، أيضًا يؤخر السحور.
ثالثًا: أن في هذه الأكلة معونة على طاعة الله؛ لأن الإنسان إذا تسحر كفاه ذلك كل اليوم، كم تشرب كل يوم إذا لم تكن صائمًا؟ كثير، لكن إذا كنت صائمًا سبحان الله! الشرب الذي في السحور يكفيك، هذا من بركته قال النبي ﷺ: (تسحروا فإن في السحور بركة) .
رابعًا: إظهار المخالفة لليهود والنصارى؛ لأن هذا السحور هو فصل ما بيننا وبين صيام اليهود والنصارى، ولا شك أن إظهار مخالفة اليهود والنصارى مما يقرب إلى الله: (من تشبه بقوم فهو منهم) بل إغاظة اليهود والنصارى مما يقرب إلى الله، بل إغاظة كل كافر مما يقرب إلى الله، قال الله تعالى: ﴿وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئًا يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ﴾ [التوبة:١٢٠] وقال الله تعالى في وصف الرسول ﷺ ومن معه قال: ﴿لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ﴾ [الفتح:٢٩] .
ما نصانع الكفار لأن الكفار لا يصانعوننا، ولكنا نفعل كل ما يغيظهم، نتقرب بذلك إلى الله، ونعلم أن هذا قربة لنا؛ لأن هذا لنا فيه أجر وهذا وصف محمد ﷺ وأصحابه.
الخامس: أنه فيه ما ذكرنا من قبل من فوائد الأكل، يعني: السحور أكل، فيه التنعم بنعم الله، حفظ البدن، امتثال أمر الله، وغير ذلك.
إذًا: تسحرنا -يا إخواني- أجر أم غير أجر؟ أجر، ولكن كل هذه الأمور تحتاج إلى أن الإنسان يتذكر، أكثر الناس لا يتذكر يأكل الأكل يتنعم به ترفهًا بدنيًا لا أنه يتنعم به تنعمًا عباديًا، لا.
إلا أن يشاء الله، إذا استيقظ الإنسان واستحضر انتفع، أما في النهار فأنت في عبادة من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ميزان هذه العبادة ما هي؟ مرتبتها في الإسلام، ركن من أركان الإسلام، تقوم به من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ولو كنت نائمًا، ولو كنت تبيع أو تشتري، أو تتحدث مع أصحابك، أنت في ركن من أركان الإسلام، سبحان الله!
1 / 8