أسرار البيان في التعبير القرآني - محاضرة
أسرار البيان في التعبير القرآني - محاضرة
Genres
مثال آخر قوله تعالى (فليضحكوا قليلًا وليبكوا كثيرا): ما المقصود ضحكًا قليلًا أو وقتًا قليلًا؟ أو بكاء كثيرًا أو وقتًا كثيرًا؟ الآية تحتمل كل هذه المعاني أراد تعالى معنى المصدر والظرف في آن معًا هو أراد فليضحكوا ضحكًا قليلًا وقتًا قليلًا وليبكوا بكاء كثيرًا وقتًا كثيرًا ولو أراد معنى واحدًا لحدد الظرف أو المصدر لكنه جمع بين الظرف والمصدرية في الآية الواحدة. والإعراب يختلف هنا لو أراد ضحكًا قليلًا تكون قليلًا مفعول مطلق ولو أراد وقتًا قليلًا لكانت ظرفًا وكذلك لو أراد بكاء كثيرًا لكانت كثيرًا مفعول مطلق ولو أراد وقتًا كثيرًا لكانت ظرفًا إذن أراد تعالى أن يجمع بين الحدث القليل والزمن القليل (فليضحكوا قليلًا) والحدث الكثير والزمن الكثير (وليبكوا كثيرًا) . ونلاحظ أنه في التقييد حكمة وفي التكثير حكمة أيضًا.
ومثال آخر قوله تعالى (بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا) هل المقصود قليل من الفقه أو قليل من المسائل والأمور. الآية تحتمل المعنيين قليل من الفقه وقليل من المسائل ومثل هذه الآية قوله تعالى (وبصدّهم عن سبيل الله كثيرا) هل المقصود كثير من الصدّ أو كثير من الخلق أو كثير من الوقت؟ الآية تحتمل كل هذه المعاني والسياق هو الذي يحدد كيف نتناول هذه الآيات وهو الذي يحدد المراد من الآية.
ومثال آخر قوله تعالى (وادعوه خوفًا وطمعا) يحتمل أن يكون مفعول لأجله أو حال بمعنى خائفين طامعين ويمكن أن يكون مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره ندعوه خائفين وندعوه ونحن نخاف خوفًا وندعوه من أجل الطمع أي ينبغي أن يكون الطمع دافع لنا، وفي حالة طمع (حال) ونحن نطمع طمعًا (مفعول مطلق) للطمع وطامعين وحال طمع فجمعها سبحانه في الآية (وادعوه خوفًا وطمعا) والتعابير كلها مرادة.
1 / 117