168

أسرار البلاغة - ت محمود شاكر

أسرار البلاغة - ت محمود شاكر

Maison d'édition

مطبعة المدني بالقاهرة

Lieu d'édition

دار المدني بجدة

Genres

والقسم الثاني أن تعتبر في التشبيه هيئةً تَحصُل من اقتران شيئين، وذلك الاقترانُ مما يُوجد ويكون، ومثاله قوله: غَدَا والصبحُ تحتَ اللَّيل بادٍ ... كطِرْفٍ أشهبٍ مُلْقَى الجِلالِ قَصَدَ الشبه الحاصل لك إذا نظرت إلى الصبح والليل جميعًا، وتأمّلتَ حالهما معًا، وأراد أن يأتي بنظير للهيئة المشاهَدة من مقارنة أحدهما الآخر، ولم يُرِدْ أن يشبّه الصبحَ على الانفراد والليل على الانفراد، كما لم يقصد الأول أن يشبّه الدارة البيضاء من النرجس بمُدْهُن الدُّر، ثم يستأنف تشبيهًا للثانية بالعقيق، بل أراد أن يشبّه الهيئة الحاصلة من مجموع الشكلين، من غير أن يكون بَيْنٌ في البَيْن، ثم إن هذا الاقتران الذي وُضع عليه التشبيه مما يوُجد ويُعْهَدُ، إذ ليس وجود الفَرَس الأشهب قد ألقَى الجُلَّ، من المُعْوِز فيقالَ إنه مقصورٌ على التقدير والوهم، فأما الأوّل فلا يتعدَّى التوهُم وتقديرَ أن يُصنَع ويُعْمَل، فليس في العادة أن تُتّخذ صورةٌ أعلاها ياقوت على مقدار العَلَم، وتحت ذلك الياقوت قِطَعٌ مطاوِلةٌ من الزبرجد كهيئة الأرماح والقامات وكذلك لا يكون ها هنا مُداهنُ تُصنَع من الدُرّ، ثم يوضع في أجوافها عقيق، وفي تشبيه الشَّقيق زيادة معنًى يُباعِد الصورة من الوجود، وهو شرطه أن تكون أعلامًا منشورةً، والنَّشر في الياقوت وهو حجرٌ، لا يُتَصَوَّر موجودًا، ويَنبغي أن تعلم أن الوجهَ في إلقاء الجُلّ، أن يريد أنه أداره عن ظهره،

1 / 170