هذا الليل المدلهم الذي يحيق بنا سينجلي إن سهرناه يقظين؛ فلنصغ إلى همسة الضياء قبل أن تخنقنا العتمة.
يتحدثون متألمين عن المرافق الاقتصادية التي أهملناها، ولكن أثمن ما أهملنا من موارد لبنان هو الرجال الأكفاء. هذا هو النقد النادر الذي هدرناه ونبدده كل يوم.
إن المحتفى به يمثل كل ما يصبو إليه لبنان من فضائل سلبية وإيجابية. هو رمز للاطائفية، والعصامية، واللبنانية الصميمة التي تبسط جناحها، والثورة في وجه الغريب المغتصب، ومثلث الطهارات قلبه ويده ولسانه.
هو ابن الفطرة الذي آخى المسلم والدرزي لأنه مسيحي حقيقي، هو المسيحي الذي لم يحب أعداءه؛ إذ ليس له أعداء.
وهو الذي مشاها فتى فقيرا من الكوخ إلى السراي، ثم عاد أدراجه من السراي إلى الكوخ شيخا فقيرا، وليس بينه وبين الذي يمشيها فقيرا إلى السراي ثم يتهاداها غنيا إلى القصر إلا أمر واحد مشترك؛ وهو أن كليهما لا يدفع ضريبة الدخل!
كل رجل أوتي نعمة تسطير سيرته بأنامله؛ وإنها لأوتوبيوغرافية رائعة اختصرها شيخنا بلفظتين كبيرتين: إبراهيم منذر.
جبهة الحياة
كانت الدعوات تنهال علي من كل المدارس في حفلاتها السنوية، فلما انضممت إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي انقطعت هذه الدعوات، إلى أن ضربت النخوة في رأس مدرسة الأميركان في طرابلس فوجهت لي دعوة وحبلا طوله عدة أميال قيدتني به، فكان هذا الخطاب.
ملاحظة: نهر البارد قريب من طرابلس، وفيه مخيم للمشردين من فلسطين.
كانوا فيما مضى - وبعضهم لا يزال حتى اليوم - يبدأ أحدهم؛ أي الخطيب، خطبته بقوله إنه سئل أن يلقي خطابا فتردد بقبوله شاعرا بعجزه.
Page inconnue