وعارضته السيدة بنجامبون: هذا منطقي. منطقي جدا! - غير منطقي. غير منطقي. غير منطقي! - منطقي جدا. منطقي جدا. منطقي جدا.
وألمح السيد بنيامين: لا تدعينا نتشاجر.
ووافقت قائلة: لا تدعنا نتشاجر. - ولكن هذا غير منطقي. - إنه منطقي، أؤكد لك ذلك، منطقي جدا، منطقي للغاية! كانت السيدة بنجامبون حين تتشاجر مع زوجها تضيف إلى كلماتها صيغة المبالغة، كأنها صمامات الأمان التي تقي من الانفجار.
وصاح الأراجوز وهو يكاد يشد شعره من غيظه: غير منطقي! - منطقي، منطقي، منطقي للغاية. منطقي للغاية.
ومع ذلك، مضى الأراجوز الصغير الحجم يستخدم لمدة طويلة حيلة دموع المحقنة ليجعل العرائس تبكي كيما تسلي الأطفال.
الفصل التاسع
عين زجاجية
كانت الحوانيت الصغيرة في المدينة تغلق أبوابها عند الساعات الأولى من الليل، بعد أن تراجع حساباتها، وتتسلم الصحف، وتصرف آخر زبائنها. وكان ثمة مجموعات من الفتيان يتسلون عند نواصي الطرقات بمطاردة الحشرات الطائرة التي تهوم حول المصابيح الكهربائية. وكانت كل حشرة يمسكون بها تتعرض لسلسلة من التعذيب، يطيل منه الأشرار فيهم نتيجة لعدم وجود شخص رحيم بينهم يضع قدمه على هذه المخلوقات وينهي حياتها بسرعة. وكان يرى من النوافذ فتيات يتبادلن الشكوى من تباريح الهوى مع أحبائهن الواقفين في الطريق؛ بينها تسير دوريات مسلحة بحراب السونكي أو بالعصي في الشوارع الهادئة في صف مفرد، يمشون على خطى قائدهم. ومع ذلك كانت هناك أمسيات يكون فيها كل شيء مختلفا: فكان معذبو الحشرات الطائرة المسالمون يلعبون ألعابا ينتظمون فيها في معارك يعتمد طولها على وجود المؤن من «الصواريخ»؛ فقد كان هؤلاء المحاربون يرفضون التوقف عن اللعب ما دام هناك مدد من الحجارة في الطريق. أما المحبون، فقد تظهر أم الفتاة فجأة فتنهي هذا الاستعراض الغرامي، وترسل بالحبيب المفتون جاريا في الشارع يحمل قبعته وكأنما الشيطان يطارده. وأحيانا تقع دورية الحرس على أحد المارة فتفتشه من قمة رأسه إلى أخمص قدميه وترسل به إلى السجن، حتى لو لم يكن يحمل سلاحا، بوصفه شخصية مشبوهة، متشردا، متآمرا، أو كما يقول قائد الدورية «لأن منظره لا يعجبني!»
وفي تلك الساعة من الليل، كانت الأحياء الفقيرة بالمدينة تعطي انطباعا بالعزلة المطلقة، والفاقة الجهماء، ومظاهر الإهمال، وتظلل كل هذا قدرية دينية تترك كل شيء لإرادة الله. وكانت ميازيب الأمطار تعكس صورة القمر على الأرض، والمياه تتقاطر من صنابير مياه الشرب فتقيس الساعات اللا متناهية لشعب يؤمن بأنه قد حكم عليه بالعبودية والرذيلة.
وكان «لوسيوفاسكيز» يودع صديقه في أحد هذه الأحياء الفقيرة. قال وهو يغمز بعينه علامة كتمان السر: مع السلامة يا خينارو. سأذهب لأرى ما إذا كان في الوقت متسع للمساعدة في خطف ابنة الجنرال.
Page inconnue