وترامى صوت أبيه من بعيد آتيا عبر كأس من الخمر:
لقد شبكتني ...
لقد شبكتني ...
لقد شبكتني امرأة بيضاء.
وحين تكون الشبكة طيبة.
تتساقط خيوطها وحدها ...
وتمتم الأبله: أماه، إن آلامي تصل إلى أعماق روحي!
ورد الطيف الذي مسح بيده على وجهه في حنان على شكواه قائلا في ود: أي بني، إن آلامي تصل إلى أعماق روحي!
إن السعادة لا تعرف طعم الجسد. وإلى جوارهما كان ثمة ظل شجرة صنوبر ينحني ليقبل الأرض، غضة كالنهر. وكان طائر يغني على الشجرة، هو طائر وجرس من الذهب في نفس الوقت: إنني أنا الوردة - التفاحة لعصفور الجنة. إنني أنا الحياة، نصف جسدي أكذوبة، والنصف الآخر حقيقة؛ وإنني وردة وتفاحة. أعطي الجميع عينا من زجاج وعينا حقيقية، فأما الذين يرون بعيني الزجاجية فإنهم يرون لأنهم يحلمون، وأما الذين يرون بعيني الحقيقية فهم يرون لأنهم ينتظرون! إنني أنا الوردة - التفاحة لعصفور الجنة، إنني الأكذوبة في كل شيء حقيقي، والحقيقة في كل شيء كاذب!
وفجأة، ترك الأبله حضن أمه وجرى ليشاهد موكب السيرك. جياد ذات أعنة طويلة كأنها أغصان اللبلاب، تقودها نسوة يرتدين ملابس متلألئة بالترتر. عربات مزدانة بالزهور، ولافتات من الورق الصيني معلقة على أفاريز الشوارع تتأرجح يمينا ويسارا كالسكارى. فرقة من دهماء الموسيقيين وعازفي البوق والكمان وقارعي الطبول. والمهرجون ذوو الوجوه المدهونة بالدقيق يوزعون البرنامج في ورق ملون، معلنا عن الحفل الافتتاحي المخصص لرئيس الجمهورية، حامي حمى الوطن ورئيس حزب الأحرار المجيد وراعي الشباب المجتهد.
Page inconnue