ولدت ولدا ميتا ، وكتمت حالها ، حتى مضت على ذلك سنون ، وكبرت الصبية ، وينعت ، فزارت امها ذات يوم ، فدخلت فرأيتها وقد ضفرت شعرها وجعلت في قرونها جدادا ونظمت عليها ودعا ، والبستها قلادة من جزع فقلت لها : من هذه الصبية؟ وقد اعجبني جمالها فبكت امها ، وقالت : هذه ابنتك ، فامسكت عنها حتى غفلت امها ثم اخرجتها يوما فحفرت لها حفرة وجعلتها فيها وهي تقول : يا ابت ما تصنع؟ أخبرني بحقك!! وجعلت اقلب عليها التراب ، وهي تقول : أنت مغط علي بهذا التراب ، أنت تاركي وحدي ، ومنصرف عني ، وجعلت اقذف عليها حتى واريتها ، وانقطع صوتها ، فتلك حسرتها في قلبي ، فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال : « إن هذه لقسوة ، ومن لا يرحم لا يرحم » (1).
وقد ذكر ابن الاثير في كتابه « اسد الغابة » في مادة : قيس : ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم سأل قيسا عن عدد البنات اللاتي وأدهن في الجاهلية : فاجاب قيس بانه وأد اثنتي عشرة بنتا له (2).
وروي عن ابن عباس أنه قال : كانت الحامل إذا قربت ولادتها حفرت حفرة فمخضت على رأس تلك الحفرة ، فاذا ولدت بنتا رمت بها في الحفرة وإذا ولدت ولدا حبسته (3).
المرأة ومكانتها الاجتماعية عند العرب :
كانت المرأة عندهم تباع وتشترى كالمتاع ، وكانت محرومة من جميع الحقوق الاجتماعية والفردية ، حتى حق الارث.
وقد كان المثقفون من العرب يعدون النساء من الحيوانات ، ولهذا كانوا يعتبرونهن جزء من أثاث البيت ويعاملونهن معاملة الرياش والفراش حتى سار
Page 60