بدء من الطفولة ، بل وفترة الرضاع فتكون حياته وشخصيته برمتها سلسلة متواصلة من حلقات العظمة.
إن جميع الأدوار ، والفترات في حياة العظماء ، والنوابغ وقادة المجتمعات البشرية ، ورواد الحضارات الإنسانية وبناتها تنطوي في الأغلب على نقاط مثيرة وحساسة وعلى مواطن توجب الاعجاب.
إن صفحات تاريخهم وحياتهم منذ اللحظة التي تنعقد فيها نطفهم في أرحام الامهات ، وحتى آخر لحظة من أعمارهم مليئة بالاسرار ، زاخرة بالعجائب.
فنحن كثيرا ما نقرأ عن اولئك العظماء في أدوار طفولتهم أنهما كانت تقارن سلسلة من الامور العجيبة ، والمعجزة.
ولو سهل علينا التصديق بهذا الامر في شأن الرجال العاديين من عظماء العالم لكان تصديقنا بأمثالها في شأن الانبياء والرسل اسهل من ذلك بكثير ، وكثير.
إن القرآن الكريم ذكر فترة الطفولة في حياة النبي موسى عليه السلام في صورة محفوفة بكثير من الأسرار ، فهو يقول ما خلاصته : ان مئآت من الاطفال قتلوا وذبحوا بامر من فرعون ذلك العصر منعا من ولادة موسى ونشوئه.
ولكن ارادة الله شاءت ان يولد الكليم ، وظلت هذه المشيئة تحفظه من كيد الكائدين ولهذا لم يعجز اعداؤه عن القضاء عليه أو الحاق الاذى به فحسب ، بل تربى في بيت فرعون أعدى اعدائه.
يقول القرآن الكريم في هذا الصدد : « ولقد مننا عليك مرة اخرى إذ أوحينا إلى امك ما يوحى أن أقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل ياخذه عدو لي وعدو له وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني ».
ثم يقول : « إذ تمشي اختك فتقول هل أدلكم على من يكفله فرجعناك إلى امك كي تقر عينها ولا تحزن » (1).
Page 200