Le flot impétueux s'écoulant sur les jardins de fleurs
السيل الجرار
Maison d'édition
دار ابن حزم
Numéro d'édition
الطبعة الأولى
Genres
La jurisprudence
غير تلك الصلاة بالوضوء فهو لا يستطيع فقد عمل بقوله سبحانه: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن:١٦]، وبقوله ﷺ: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم".
قوله: "أو عدمه مع الطلب إلي آخر الوقت".
أقول: ظاهر الآية الكريمة وهي قوله سبحانه: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أو عَلَى سَفَرٍ أو جَاءَ أحد مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أو لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [المائدة: ٦]، أن عدم وجود الماء قيد للمرض والسفر والمجىء من الغائط والملامسة على ما هو الراجح من أن القيد الواقع بعد جمل يعود إلي جميعها ولا يختص ببعضها إلا بدليل ولكن لما كان السبب الموجب للطهارة الصغرى هو المجىء من الغائط وما في معناه والموجب للطهارة الكبرى هو الملامسة للنساء وما في معناه من غير فرق بين مريض ومسافر وحائض كان ذلك دليلا على أن حرف التخيير في قوله: ﴿أو جَاءَ أحد مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾ بمعنى الوأو وقد ورد ذلك كثيرا في لغة العرب وذهب إليه جماعة من أئمة العربية.
فيكون معنى الآية على هذا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاد أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فكان الحاصل من هذا أن المريض الذي حصل له أحد سببي الطهارة وهي المجىء من الغائط أو الملامسة لا يتيمم إلا عند عدم الماء وكذلك المسافر.
لكنه قد ورد ما يدل على أن المرض سبب مستقل لجواز التيمم وإن كان الماء موجودا لما في حديث صاحب الشجة المتقدم وفيه أنه ﷺ قال: "قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال إنما كان يكفيه أن يتيمم" الخ ونحوه فيكون قيد عدم وجود الماء راجعا إلي المسافر وهو مجمع عليه أعني كون المسافر لا يتيمم إلا إذا لم يجد الماء ويدل عليه قصة عمرو بن العاص المتقدمة فإنه لما لم يغتسل مع وجود الماء أنكر عليه أصحابه ولم يقرره ﷺ إلا حيث ذكر ما يدل على أنه خشى الضرر على نفسه واستدل بقوله تعالي: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [النساء: ٢٩] .
ويدل على ذلك أن رخصة التيمم نزلت في السفر لما أقاموا لطلب عقد عائشة كما في الصحيحين وغيرهما وفيه أنها قالت: "وليسوا على ماء وليس معهم ماء" [البخاري "١/٣٣٤"، مسلم "٣٦٧"، أبي دأود "٣١٧"، النسائي "٣١٠"]، الحديث.
فإن قلت إذا كان القيد المذكور في الآية راجعا إلي المسافر فمإذا يكون في الصحيح الحاضر؟.
قلت لم يكن في الآية تعرض لذلك لما قررناه لكنه قد ثبت عنه ﷺ أنه تيمم في الحضر كما في الصحيحين وغيرهما ووردت الأدلة الدالة على مشروعية التيمم سواء كان حاضرا أو مسافرا صحيحا أو مريضا كما في حديث "الصعيد الطيب طهور المسلم ولو إلي عشر سنين" [أبو دأود "٣٣٢ و٣٣٣"، النسائي ١/١٧١"، الترمذي "١٢٤"، أحمد "٥/١٤٦، ١٥٥"]، أخرجه
1 / 80