Le flot impétueux s'écoulant sur les jardins de fleurs
السيل الجرار
Maison d'édition
دار ابن حزم
Numéro d'édition
الطبعة الأولى
Genres
La jurisprudence
وهذه الزيادة قد اتفق الحفاظ على ضعفها وإن وردت من طريق ولكنهم اتفقوا على العمل بها كما نقل ذلك غير واحد من الأئمة والفقهاء وكان العمل بها متعينا من الإجماع على العمل بها لأنها تصير بذلك من المتلقى بالقبول وما كان كذلك فهو مما يجب العمل به كما تقرر في الأصول.
فالحاصل أنه لا اعتبار بالمجأورة ولا هي مما يوجب الحكم بالنجاسة إلا إذا غيرت فما تغيرت أحد أوصافه كان نجسا سواء كان قريبا من النجاسة أو بعيدا.
قوله: "أووقعت فيه قليلا"
أقول: ليس مجرد وقوع النجاسة في القليل مقتضيا لصيرورته نجسا ولا ثبت ما يدل على ذلك لا بمطابقة ولا تضمن ولا التزام بل المعتبر أن تؤثر فيه النجاسة تغيرا فإن حصل ذلك فقد ضعف عن حمل النجاسة وصار متنجسا وإن لم يحصل ذلك فلا تؤثر النجاسة الواقعة فيه شيئا ويكون حكمه الحكم الذي كان له قبل وقوعها فيه وهو الطهارة فاعرف هذا.
قوله: "وهو ما ظن استعمالها باستعماله"
أقول: إن كان الظن هو ظن العقلاء المتشرعين فهو لا يكون إلا عند تأثير النجاسة في الماء بجرمها أو لونها أو طعمها أو ريحها وهذا لا يخالف ما قررناه بأنه لا ينجس إلا ما غيرته النجاسة.
وإن كان هذا الظن هو ظن أهل الشكوك والوسوسة في الطهارة فلم يقل بذلك أحد من المسلمين أجمعين فلا مخالفة بين هذا القول والقول بأنه لا ينجس من الماء إلا ما غيرته النجاسة.
وأما حديث القلتين فغاية ما فيه أن ما بلغ مقدار القلتين لا يحمل الخبث فكان هذا المقدار لا يؤثر فيه الخبث في غالب الحالات فإن تغير بعض أوصافه كان نجسا بالإجماع الثابت من طرق متعددة.
وبتلك الزيادة التي وقع الإجماع على العمل بها في حديث: "خلق الماء طهورا" فيكون إطلاق حديث القلتين مقيدا بذلك حملا للمطلق على المقيد.
وأما ما كان دون القلتين فلم يقل الشارع إنه يحمل الخبث قطعا وبتا بل مفهوم حديث القلتين يدل على أن ما دونهما قد يحمل الخبث وقد لا يحمله فإذا حمله فلا يكون ذلك إلا بتغير بعض أوصافه فيقيد مفهوم حديث القلتين بحديث التغير المجمع على قبوله والعمل به كما قيد منطوقه بذلك:
وبهذا تعرف أنه لا مخالفة بين الأحاديث الواردة في هذه المسألة وأن الجمع بينها بما ذكرناه.
وأما الاستدلال بمثل حديث "دع ما يريبك إلا ما لا يريبك" [النسائي "٨/٣٢٧"]، "واستفت قلبك" [أحمد "٤/٢٢٧ – ٢٢٨"]، فليس فيهما إلا الإرشاد إلي الورع والتوقف عند الاشتباه وتوقي
1 / 37