وقيل يجوز بشرط أن ينشرح له صدره وألا يكون قاصدا للتلاعب وألا يكون ناقضا لما قد حكم به عليه واختاره ابن دقيق العيد.
وقد ادعى الآمدي وابن الحاجب أنه يجوز قبل العمل لا بعده بالاتفاق.
وكل هذه الأقوال على فرض جواز التقليد لا دليل عليها لكنها أقل مفسدة ومخالفة للحق من إيجاب التقليد وتحريم الانتقال بمجرد النية.
وفي الشر خيار.
قوله: "ولاجتهاد يتبعض في الأصح"
أقول: اختلف أهل العلم في ذلك فذهب جماعة إلي أنه يتجزأ وعزاه الصفي الهندي إلي الأكثرين قال ابن دقيق العيد وهو المختار لأنها قد يمكن العناية بباب من الأبواب الفقهية حتى تحصل المعرفة بمآخذ أحكامه وإذا حصلت المعرفة بالمآخذ أمكن الاجتهاد.
وذهب آخرون إلي المنع واحتج الأولون بأنه لو لم يجز تجزؤ الاجتهاد للزم أن يكون المجتهد عالما بجميع المسائل واللازم منتف فإن كثيرا من المجتهدين قد سئل فلم يجب وكثيرا منهم سئل عن مسائل فأجاب في البعض وهم مجتهدون بلا خلاف.
واحتج آخرون بأن كل ما يقدر جهله به يجوز تعلقه بالحكم المفروض فلا يحصل له ظن عدم المانع.
وأجيب بأن المفروض حصول جميع ما يتعلق بتلك المسألة ويرد هذا الجواب بمنع حصول ما يحتاج إليه المجتهد في مسألة دون غيرها فإن من لا يقتدر على الاجتهاد في بعض المسائل لا يقتدر عليه في البعض الآخر وأكر علوم الاجتهاد يتعلق بعضها ببعض ويأخذ بعضها بحجزة بعض ولا سيما ما كان من علومه مرجعه إلي ثبوت الملكة فإنها إذا تمت حصلت القدرة على الاجتهاد في جميع المسائل وإن نقصت لم يقتدر على الاجتهاد في شيء ولا يثق في نفسه لتقصيره ولا يثق به الغير لذلك.
فإن ادعى بعض المقصرين بأنه قد اجتهد في مسألة دون مسألة فتلك الدعوى يتبين بطلانها بأن يبحث معه من هو مجتهد اجتهادا مطلقا فإنه يورد عليه من المسالك والمآخذ ما لا يتعقله.
قوله: "أو لانكشاف نقصان الأول".
أقول: المقلد لا يعرف الكامل من المجتهدين ولا الناقص منهم وإنما يستروى ذلك ممن له إدراك يعرف به الكمال والنقص فهذا المقلد إن انكشف له نقص من قلده بإخبار من أخبره باجتهاده وكماله فقد أقر على نفسه أن خبره الأول المتضمن لكماله غير صحيح وإن كان انكشاف النقص بخبر غير من أخبره بالكمال فقد وقع هذا المقلد المسكين في حيرة لأنه غير متأهل للترجيح في الأخبار المتعارضة عن مثل هذا الأمر الذي لا يعرفه إلا المتأهلون.
والمنهج الواضح والمهيع الآمن أن يقطع عن عنقه علائق التقليد وقد جعل الله له في الأمر
1 / 20