قيل له: فيلزم أن أكثر أحاديث الأحكام مما قد جزم القاضي بصحته غير صحيح؛ لأن الأمة لم تلقها بالقبول بل ضعف كثير منها على أن الأمة جميعا تلقت خبر المحاجة بالقبول حتى أكثر المعتزلة وتأولوه تأويلات صحيحة فيكون ذلك حجة على أبي علي، وقد رواه أيضا من الزيدية بعض أصحاب "الأمالي" وعند القاضي ابن سعد الدين أن كل ما رواه الزيدية في كتبهم فهو صحيح فيلزم أنه صحيح بالاتفاق ويكون من المتشابه المتأول.
وأيضا أن أبا علي قد تأوله من جملتهم والتأويل لا يكون إلا للصحيح.
وقوله: إن التشيع عندهم أشد أسباب الجرح.
أقول: هذا أمر القاضي عدم معرفة لما عندهم إذ الجرح بالتشيع عندهم ليس على إطلاق فكثير من الشيعة ثقات معمول على اخبارهم حجة في رواياتهم علي بن المديني شيخ البخاري، وعبد الرزاق الصنعاني، وغيرهما وإنما المتروك عندهم الشيعي الرافضي.
وقوله: إن سمرة بن جندب الصحابي مجروح العدالة ومقدوح فيه بما روى أنه كان يقتل كثير من النفوس وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له ولأبي هريرة ولثالث معهما: (آخركم موتا في النار) فكان آخرهم سمرة.
أقول: إن المذكور قد ترجم له ابن عبد البر في "الإستيعاب" مع الصحابة وذكر ثناء الحسن البصري وغيره عليه واحتجاجهم به، وقال: إنما كان يقتل من الخوارج الحرورية عملا بما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في مروقهم من الإسلام واستحلالهم الدم الحرام إجتهادا منه مع أن قد أجمعوا بين اعتقاد الخوارج من المحاربين، والمحارب الذي يخيف السبيل ويقتل النفس حده القتل، كما ذكره الله تعالى في كتابه العزيز بشروطه المعروفة.
وقال ابن عبد البر: وأما موته في النار، فإنه كان به علة البرد فكان يتداوى على دست حار يقعد عليه فكان بآخره وسقط في الدست وهو نار فمات فيه فكان آخرهم موتا في النار والله أعلم.
وقوله: بأنهم روو أحاديث الجبر والتشبيه وصححوها.
Page 25