Le Narratif dans le Coran
السرد القصصي في القرآن الكريم
Genres
أرأيت السخرية في السؤال؟ ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؟ كأنما لا يدري ما هذه التماثيل .. نوع من الاستنكار الرائع ليس فيه صراخ السخرية البشرية، وإنما هو سخرية مترفعة متأبية مستكبرة. ويستمع سيدنا إبراهيم لأبيه وقومه وهم يشرحون ما هذه التماثيل ، فهم بسذاجة يقعون في الفخ الذي هيأه لهم ويشرحون، وكأنه لا يعرف ما يشرحون.
وفي هذه السورة نجد المنولوج الداخلي أو تيار الوعي الذي لم تعرفه القصة العالمية إلا على يدي جويس وبروست .. ولم تعرفه القصة العربية إلا في أواخر الأربعينيات من هذا القرن. أتراك عرفت أين هو المنولوج الواقعي في هذه الآيات. إنه واضح ولا يحتاج إلى أعمال بحث.
قال بل ربكم رب السموات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين .
إلى هنا والحديث واضح. يرجع إلى أبيه وقومه الذين يجري معهم ما سبق الآية من حوار .. فالحوار ما زال حوارا معلنا، ولكن انظر وتابعه.
تالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين ..
لا يمكن أن تكون هذه الآية معلنة .. إنما هي منولوج داخلي .. يقولها في نفسه ولا يعلنها .. وروعة القرآن هنا أنه لا يقول وأسر إبراهيم في نفسه، أو قال إبراهيم في نفسه .. وإنما انتقل من الحوار المعلن إلى الحوار الذاتي، أو المنولوج الداخلي، أو تيار الوعي دون أية إشارة، معتمدا على ذكاء القارئ الذي لا يمكن أن يتصور أن إبراهيم سيعلم قومه بأنه سيحطم آلهتهم.
وننتقل من المنولوج الداخلي إلى الحدث يورده القرآن الكريم في جملة قصيرة آخذة كأنها الرعد، أو كأنها الصاعقة. جملة تصك. تجمع الحدث وتتواءم معه، فلا يمكن أن نتصور الحدث يوصف إلا بهذه الجملة .. إن طالت فقدت قوتها ورهبتها وترفعها.
فجعلهم جذاذا
1
إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون (سورة الأنبياء: آية 58).
Page inconnue