رِضَاهُ والمهالك وعَلى التَّابِعين وتابعهم بِإِحْسَان الناهجي مشرع وردهم الهني غير آسن وَلَا آن نهج رواد الملاط لَا رازح متساوك مَا اخضر نجم الغبراء فَعَاشَ مِنْهُ البهيم واغبر نجم الخضراء إِذْ غاس عَلَيْهِ الغيهب البهيم ودارت على الأفلاك بدورها الفوالك أما بعد فَلَا ريب إِن فن السّير والتواريخ وَالْأَخْبَار وغرائب الْقَصَص والوقائع والْآثَار من الْفُنُون الَّتِي تداولها الأجيال والأمم وتعنو إِلَيْهَا نفوس ذَوي الهمم وتتنافس فِيهِ الْمُلُوك والعظماء ويتساوى فِي فهمه الْجُهَّال وَالْعُلَمَاء إِذْ هُوَ فِي ظَاهره لَا يزِيد على أَخْبَار عَن الْأَيَّام والدول والسوابق من الْقُرُون الأول تنمو فِيهَا الْأَقْوَال وتضرب مِنْهَا الْأَمْثَال وتسوع بهَا الأندية إِذا غصها الاحتفال وتؤدى إِلَيْنَا شَأْن الخليقة كَيفَ تقلبت بهَا الْأَحْوَال وَمَا عانته الدول عِنْد ضيق النطاق بهَا تَارَة واتساع المجال وَفِي بَاطِنه نظر وَتَحْقِيق وَاعْتِبَار وتأس بِمَا طحنته رهى الدَّهْر كل مِنْهُمَا دَقِيق وَعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق فَهُوَ لذَلِك لَهُ اصل فِي الْحِكْمَة عريق وجدير بِأَن يعد فِي علومها وخليق خُصُوصا مَا صدرت بِهِ من سيرة سيد الْأَنَام وتعداد آبَائِهِ الْكِرَام وَجَمِيع غَزَوَاته وبعوثه وسراياه ومعجزاته وَمَا خص بِهِ من حميد مزاياه وَسَائِر حالاته وتقلباته من حِين الْولادَة إِلَى حِين وَفَاته كَمَا سأبينه فِي الفهرسة بِمَا هُوَ كَاف فِي الْمقَام واف بالمرام طَاف للأوام وَأَن فحول المؤرخين فِي الْإِسْلَام قد استوفوا أَخْبَار الْأُمَم سطروها وبينوها فِي صفحات الدفاتر وقدورها ترويحا للنفوس وتفريحا للخاطر الملبوس وتنبيها على كَمَال قدرَة القاهر وإيقاظا وتبصرة للعاقل إِذا تأملها اينع غرسها فِيهِ تَسْلِيمًا واتعاظا مصداق قَول الإِمَام مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعِي وَهُوَ الثبت الْعدْل علم التَّارِيخ يزِيد الْعقل مَعَ مَا فِيهِ من ضبط الْأَوْقَات وَالْأَحْوَال عَمَّا يحصل بِسَبَب الْكَذِب فِيهِ من الاختلال
1 / 56