* مقدمة المؤلف
الحمد لله الذي جعل الأرض مهادا ، وسلك فيها سبلا ، وأودعها من عجائب صنعه ما شاهدته أبصار أولي الأسفار قبلا (1). سبحانه ما أعجب ما قدر في أمور عباده ، وألطف ما دبر في أرضه وبلاده. أنفذ كيف شاء في خلقه أحكامه ، فقضى على هذا بشعث السفر ، وعلى هذا بلم الإقامة ، والصلاة والسلام على نبيه الذي بعثه بأشرف البقاع ، وشرف بمواطئ أقدامه الشريفة كثيرا من الفجاج والقاع ، وجعل دينه المنيف مألفا لعباده بلا حيف ، فأغناهم عن إيلافهم رحلة الشتاء والصيف ، وعلى آله وصحبه البررة الهادين الذين مهدوا طرق الحق ، وأوضحوا مناهج الدين.
وبعد ، فيقول المفتقر إلى ربه الغني علي صدر الدين بن أحمد نظام الدين الحسيني الحسني ، هداهما الله إلى سواء السبيل ، وأنالهما من جزيل ما ينيل : غير خاف إن شيمة الأيام وسخيمة (2) صدور اللئام هما كمد نفس كل فاضل ، ورمد جفون الأفاضل ، فما من ذي فضل إلا مني بدهر عبوس ، أو غمر ببنيه كؤوس الهم والبوس. ذاك ينصب له المصايد وهذا يجرعه غصص المكايد ، فقلما انتدب ذو أدب لنيل أرب إلا وأدركته حرفة الأدب ، أو جد واحتشد لأمر برشد إلا عاقة ذو حسد. بهذا جف القلم فيما ألم ، وقضى القضا فيما مضى. ومن هنا استولى النقص على الكمال ، واستعلى على الرشد الضلال ، وركدت ريح الفضل وخوى (3) طالعه وخبت مصابيح الأدب ودجت
Page 13