Prisonnière de Téhéran
سجينة طهران: قصة نجاة امرأة داخل أحد السجون الإيرانية
Genres
ترددت. «ترانه؟» - «نعم.» - «الأخ علي ليس هنا. إنه في الجبهة يحارب العراقيين.»
كانت إيران قد اشتبكت في حرب مع العراق منذ سبتمبر من عام 1980. - «ومتى يعود؟» - «الله أعلم! لكنه حتى لو كان هنا، فلن يستطيع عمل شيء. أنت محظوظة للغاية، فعندما تصدر محكمة إسلامية حكما بالإعدام على أي شخص، فالأمر الوحيد الذي قد ينقذ ذلك الشخص هو عفو الإمام، لكن الإمام غالبا لا يتدخل في مثل تلك الأمور، فهو يثق في المحاكم وفي قراراتها. الوحيد الذي يمكنه مساعدتها هو المحقق الذي يتولى التحقيق في قضيتها. - «وهل هناك ما يمكننا فعله من أجلها؟» - «لندع لها.» •••
حاولت ألا أفكر في السعادة وفيما كانت عليه الأمور قبل الثورة وما تلاها من بشائع، وكأن استدعاء الذكريات السعيدة سيجعلها تبهت كصور قديمة تناولتها الأيدي عدة مرات. لكن أحيانا في منتصف الليل أشم عبير أشجار الليمون البرية، وأسمع حفيف أوراقها السميكة يحركها نسيم البحر المالح، وأشعر أيضا بالأمواج الدافئة لبحر «قزوين» وهي تداعب قدمي، والرمال المبللة اللزجة تغطي أصابعي. وفي أحلامي كنت أرقد في فراشي في المنزل الصيفي أراقب البدر وهو يطلع، ثم أخطو على الأرض دون أن تصدر صريرا، وأتجول في المكان ولكنني لا أجد أحدا، وأحاول أن أنادي أراش، لكن يأبى الصوت أن يغادر حلقي.
كنت أفكر في أندريه طوال الوقت. قبل إلقاء القبض علي كان حبي له ناشئا هشا، وكنت أخشى الاستسلام لمشاعر الحب تجاهه خشية فقدانه هو الآخر، فضلا عن أني لم أكن أرغب في خيانة أراش. الآن وبعد أن واجهت الموت أدركت أني أحب أندريه، ولا أتمنى شيئا من الدنيا سوى أن أكون معه. ولكن هل يحبني هو؟ أعتقد ذلك. إنه أملي، وعلي أن أحيا من أجله، فهو الشخص الذي أرغب في العودة إليه.
وذات ليلة في منتصف شهر مارس، جاء شيدا المخاض ونقلت إلى مستشفى السجن . وفي اليوم التالي عادت ومعها طفل جميل موفور الصحة أطلقت عليه اسم كاوه؛ تيمنا باسم زوجها. اجتمعنا حولها هي والطفل، وشعرنا بالفخر لأن معنا أما في الغرفة، ومنذ تلك اللحظة ونحن نطلق عليها «الأم شيدا». سرعان ما أصبح الطفل مدللا، فقد كان محاطا بالعديد من الخالات المتحمسات للاعتناء به. خفت نظرة القلق التي تعلو وجهها، وإن كانت لم تغادرها تماما. لقد منح هذا الطفل الأمل ليس لأمه فحسب، بل لكل من حوله.
وعندما أتم كاوه أسبوعين أو ثلاثة من عمره، نقلت نحو سبعين سجينة من «246» إلى «قزل حصار»، وهو سجن يقع بمدينة «كرج» التي تبعد خمسة عشر ميلا عن طهران. ذكرت معظم الفتيات أن ظروف المعيشة في «قزل حصار» أفضل قليلا منها في «إيفين»، ولذا كانت السجينات المقرر نقلهن سعيدات للغاية، بينما كنت سعيدة لأن صديقاتي المقربات لم يرحلن. بعدها أصبحت الغرفة أقل ازدحاما، لكن الوضع لم يدم كثيرا، فكل يوم تنضم إلينا بضع فتيات، وسرعان ما ضاقت أماكن النوم أكثر من ذي قبل.
كانت الموسيقى العسكرية تنطلق مرة في الأسبوع عبر مكبرات الصوت، يصاحبها إعلان بأن الجيش قد انتصر في إحدى المعارك الكبرى، وأن قواتنا على وشك إنهاء الحرب مع العراق وتحقيق النصر فيها، لكن أحدا منا لم يكن يهتم بالحرب، ليس لأنها لم تكن تمس طهران مباشرة فحسب، بل لأن «إيفين» بدا كأنه كوكب آخر؛ عالم غريب تحكمه قوانين مبهمة يمكن بموجبها تعذيب أي شخص أو الحكم عليه بالموت دون سبب. •••
ذات مساء ونحن نتناول عشاءنا من الخبز والتمر دخلت سارة الغرفة، ودون أن تنزع الشادور أو تقول شيئا أو تنظر لأي منا، ذهبت إلى ركن من الغرفة وجلست فيه، فذهبت إليها ووضعت يدي على كتفها. - «سارة!»
لكنها لم ترفع بصرها. - «سارة، أين كنت؟ كنا قلقات عليك.»
قالت بصوت هادئ: «مات سيرس.»
Page inconnue