Prisonnière de Téhéran
سجينة طهران: قصة نجاة امرأة داخل أحد السجون الإيرانية
Genres
بقيت فترة بعد تلك الواقعة، أجلس بجوار النافذة كلما خرجت أمي من المنزل للتسوق أو الذهاب لأي مكان وأنا أرتجف خوفا، وأتساءل ماذا لو لم تعد أبدا؟ ***
قررت أن أبتعد عن طريق أمي، وكان أفضل سبيل لذلك هو البقاء في غرفتي أطول وقت ممكن. عندما أعود من المدرسة كل يوم، أتسلل على أطراف أصابعي إلى المطبخ كي أرى هل هي هناك أم لا. إذا لم أجدها، أعد لنفسي شطيرة من السجق. وإذا وجدتها، ألقي عليها تحية سريعة ثم أذهب إلى غرفتي وأنتظر حتى تغادر المطبخ. وبعد تناول الطعام أمكث في غرفتي أؤدي واجباتي المدرسية وأقرأ الكتب التي استعرتها من مكتبة المدرسة والتي كان معظمها مترجما مثل: «بيتر بان»، و«أليس في بلاد العجائب»، و«عروس البحر الصغيرة»، و «ملكة الثلج»، و«الرجل القصدير»، و«سندريلا»، و«الجمال النائم»، و«هانزل وجريتل»، و«رابونزل». كانت مكتبة مدرستي صغيرة، وسرعان ما قرأت كل الكتب التي تحتوي عليها، ليس مرة واحدة بل ثلاث أو أربع مرات. وكل ليلة كانت أمي تفتح باب غرفتي مرتين لترى ماذا أفعل، وتبتسم عندما تجدني أقرأ. يمكنني القول إن الكتب أنقذتنا نحن الاثنتين.
ذات يوم استجمعت شجاعتي، وسألت أمي هل من الممكن أن تبتاع لي بعض الكتب، فأخبرتني أنها لا تستطيع أن تبتاع أكثر من كتاب واحد في الشهر، لأن أسعار الكتب مرتفعة ولا يمكننا إنفاق كل ما نملك عليها. لكن كتابا واحدا في الشهر لم يكن كافيا. بعد بضعة أيام، كنت أنا وأمي عائدتين إلى المنزل بعد زيارة جدي، فرأيت مكتبة صغيرة تحمل لافتة كتب عليها: «كتب مستعملة». كنت أعلم أن كونها مستعملة يعني أنها رخيصة الثمن، لكني لم أجرؤ أن أطلب من أمي أن تتأكد من ذلك.
بعد أسبوع أخبرتني أمي أن الوقت قد حان لزيارة جدي، فأخبرتها بأنني لست على ما يرام، ووافقت على بقائي في المنزل. كان أبي في العمل؛ فعقب وفاة جدتي بوقت قصير أغلق استوديو الرقص وحصل على وظيفة في وزارة الفنون والثقافة مع فرق الرقص الشعبي. أحب أبي وظيفته الجديدة، وكان أحيانا يجوب أنحاء العالم مع الراقصين والراقصات الذين يمثلون إيران في المسابقات العالمية. فور أن غادرت أمي المنزل، هرعت إلى غرفتها، وأخذت مفاتيح المنزل الاحتياطية من درج خزانتها. كنت قد ادخرت كل النقود التي عادة ما أنفقها في شراء اللبن بالشيكولاتة لمدة أسبوع، وتمنيت أن تكفي لشراء كتاب.
أسرعت إلى مكتبة الكتب المستعملة. كانت شمس أواخر الربيع تشرق على الأسفلت الأسود وتكون موجات من الهواء الساخن تهب في وجهي. عندما وصلت إلى المكتبة كانت قطرات العرق تنحدر من جبهتي وتحرق عيني، فمسحت وجهي بقميصي ودفعت الباب الزجاجي للمكتبة وخطوت داخلها. وما إن اعتادت عيناي على الإضاءة الخافتة، لم أصدق ما رأيت. في كل مكان حولي كانت أكوام الكتب مكدسة على الأرفف حتى السقف، تاركة بينها ممرات ضيقة اختفت وسط الظلام. كنت محاطة بآلاف الكتب، والجو مشبع برائحة الورق؛ برائحة القصص والأحلام التي تحيا في كلمات مكتوبة.
ناديت: «أيوجد أحد هنا؟»
لم يجبني أحد.
كررت النداء بصوت أعلى: «أيوجد أحد هنا؟»
ومن أعماق أحد ممرات الكتب أتاني صوت رجل بلكنة أمريكية خالصة: «كيف يمكنني أن أساعدك؟»
تراجعت خطوة للخلف وأنا أقول: «أين أنت؟»
Page inconnue