Le sionisme mondial
الصهيونية العالمية
Genres
والفارق الآخر أن الجاليات الأخرى تعمل وحدها ولا تستند إلى عصبة عالمية من أبناء قومها منتشرة في أرجاء العالم، وليس منها طوابير خامسة مبثوثة في كل بقعة تعاونها سرا وجهرا، وتحارب من ينافسونها ويزاحمونها، كما يفعل الصهيونيون.
فالصهيونيون - مع هذا التعاون بينهم وبين طوابيرهم الخامسة في أنحاء العالم - لم يبلغوا من النجاح مبلغا يفوقون به غيرهم، ولم يبلغوا نجاحا إلا في ميدان واحد دون سائر الميادين.
ندع هذا ونعود إلى دعوى النبوغ في العلوم والفنون، فلا نرى أن الصهيونية أنشأت لها ثقافة مستقلة قط في زمن من الأزمان، وإنما يستفيد الصهيوني الألماني من ثقافة ألمانيا، ويستفيد الصهيوني الإنجليزي من ثقافة إنجلترا، ويستفيد الصهيوني الأمريكي من ثقافة أمريكا. ويقال مثل ذلك عن الصهيونيين في إيطاليا وسويسرة وهولندة والبلجيك، فهم يستفيدون من ثقافات هذه الأمم، وينبغي لذلك أن يكون الناجحون منهم في العلوم والفنون أضعاف الناجحين من جميع الأمم بالنسبة لعددهم، ولكنهم بالنسبة إلى عددهم وبالنسبة إلى استفاداتهم من جميع الأمم، أقل من غيرهم في عدد النابغين بكثير.
وإذا ذكرنا الطوابير الخامسة في ميادين الأعمال الاقتصادية، فلنذكر هذه الطوابير الخامسة في ميادين العلوم والفنون، ولنذكر أن الصهيونيين يتدخلون في شركات الصحف وشركات الإعلان وشركات النشر والطباعة، وأنهم يتعصبون ويتألبون ويتحزبون، فينال الكاتب الصهيوني من الشهرة فوق ما يستحقه، ويبدو ذلك جليا من شهرة أناس من أمثال لدفيج، وموروا، وزفايج، وكافكا، وريلكه، وبروست، وسارتر، وآخرين وآخرين ... فإنهم أقل من نظرائهم في بلادهم، ولكنهم يشتهرون بفعل الدعاية والتآمر عليها، لأنهم صهيونيون آباء وأمهات، أو لأنهم أبناء أمهات من الصهيونيين.
إن المقياس الصحيح لنبوغ الصهيونيين في العلوم والفنون هو تاريخهم القديم.
إن تاريخهم المستقل بثقافته ودراساته هو المقياس الصحيح لتلك العقول، أو لتلك الكفايات!
وقد كانت في الإسكندرية مكتبة جمعت مئات الألوف من المجلدات في الطب والفلك والجغرافية والحكمة والرياضة وسائر العلوم، وكانت هذه المكتبة الجامعة التي احترقت في بعض الحروب عنوانا لثقافة الأمم القديمة من يونان ورومان وبابليين ومصريين، وكانت فيها محفوظات من تآليف هذه الأمم ومقتبساتها، فكم كتابا كانت فيها من تآليف الصهيونيين الأقدمين؟
كم أثرا من آثارهم في علوم الفلك أو الجغرافية أو الهندسة أو الطب أو الفلسفة، أو غيرها من ثمرات العقول الإنسانية؟
لا كتاب! ولا أثر! ولا ثمرة ... وهذا هو المقياس الصحيح لتلك العقول وتلك الكفايات.
ولقد كان أذكياء اليهود يخجلون من هذه السبة، وكان أذكياء الأمم يعيرونهم بها ويسألونهم عنها، كما فعل أبيان
Page inconnue