ومتأخّرةً كذلك إِلاَّ فِي قولنا "شَبمٌ". وَقَدْ يدخل بَيْنَهما دخيل فِي مثل "عَبَام" وهي عَلَى الأحوال يقل تألفها معها.
وهي من الحروف الأصلية، وَمَا أعلمهم زادوها فِي شيء من أبنية كلامهم، إِلاَّ فِي حرف قاله الأغلب:
فَلَّكَ ثدياها مع النتُوبِ ... أراد النُّتُوء فزاد الباء
والباء تكون للإلصاق، وللاعتمال، وَفِي موضع "عن"، وَفِي موضع "من"، وتكون للمصاحبة، وتقع موقع "مع". وتقع موقع "فِي" و"عَلَى"، وتكون للبدل، ولتعدية الفعل، وللسبب، وتكون دالَّة عَلَى نفس المُخْبِر عنه وظاهرها يُوهِم أن الإخبارَ عن غيره، ومنها المُلْصَقة بالاسم والمعنى الطرح، ومنها باء الابتداء، ومنها باء الْقَسَم.
فالإلصاق قولك: "مسحت يدي بالأرض". ومن أهل العربية من يقول: "مررت بزيد" إنها للإلصاق، كَأَنَّه ألصق المرورَ بِهِ. وكذا إذَا قال: "هَزَأت بِهِ".
والإِعْتِمال قولنا "كتبت بالقلم" و"ضربت بالسيف". وذكر ناس أن هَذِهِ والتي قبلها سواء.
والباء الواقعة موقع "عن" قولهم "سألت بِهِ" إنما أردت عنه ومنه ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ﴾ ١. ومنه٢:
وسائِلة بثعلبةَ بنِ سير
والباء الواقعة موقع "من" فِي قوله جل ثناؤه: ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ﴾ ٣ أراد منها. و٤:
_________
١ سورة المعارج، الآية: ١.
٢ الأصمعيات: ٢٠٣ للمفضل النكري. وعجزه:
وقد أودت بثعلبة العلوق
٣ سورة الإنسان، الآية: ٦.
٤ ديوان عنترة: ١٦٣. وتمام اليبت:
شَرِبَتْ بماء الدُّحْرَضَيْنِ فأصبحت ... زوراء تنفر عن حياض الديلم
1 / 67